السبت، 21 مايو 2011

مش هحتار



لانى ماليش مكان

او مكانى اخده غيرى

هعمل زيك تمام

هجيب لجام

.. ودينى لاعذبه


الأربعاء، 18 مايو 2011

الحقيقه ياجاهل
















وكانـــه اختفى بين يوم وليله واصلا مكانش موجود

دا لما الـــحب ينتهى ... من قلب مليان بالجحود

هتفضل تضحك على روحك ... وتقول يمكن .. جـــايز

بس الحقيقه .. انه لا صوتك هيوصل ولا عينيه هتشوف

..

محدش بيقتنع ابــــــــــــــــــــــــــــدا
رغم انها بتبقى حقيقه
وتهون العشره
قال يعنى انت كلك هنت .. العشره مش هتهون .
وعجبى

الجمعة، 13 مايو 2011

رائعه الوفاء والندم لمصطفى محمود





















الكثير منا يذكر قصة الأسد
الذي اغتال مدربه ( محمد الحلو ) وقتله
غدراً في أحد عروض... السيرك بالقاهرة

وما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة
الحيوان واضعاً نهاية عجيبة لفاجعة
مثيرة من فواجع هذا الزمن

والقصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين
في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى تصفيق
النظارة بعد نمرة ناجحة مع الأسد
( سلطان) ..

وفي لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف
وأنشب مخالبه وأسنانه في ظهره!..

وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً
ومن فوقه الأسد الهائج.. واندفع الجمهور
والحرّاس يحملون الكراسي

وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيب
من حديد وتمكن أن يخلص....أباه بعد فوات الأوان

.ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام
أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة
..اكتئاب ورفض الطعام
وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره
..أسداً شرساً لا يصلح للتدريب





وفي حديقة الحيوان استمر سلطان على إضرابه عن الطعام
فقدموا له أنثى
لتسري عنه فضربها في قسوة!
وطردها وعاود انطواءه وعزلته واكتئابه

وأخيراً انتابته حالة جنون، فراح يعضّ جسده
وهوى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين!!!..
ثم راح يعضّ ذراعه، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه،
وراح يأكل منها في وحشية، وظل يأكل من لحمها حتى نزف ومات
واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد..

ندم حيوان أعجم
وملك نبيل من ملوك الغاب
عرف معنى-- الــوفـــــاء -- وأصاب منه
...!حظاً لا يصيبه الآدميون

...أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين

درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية
التي تأكل شعوباً وتقتل ملايين في برود على الموائد الدبلوماسية
وهي تقرع الكؤوس وتتبادل الأنخاب
ثم تتخاصر في ضوء الأباجورات الحالمة
وترقص على همس الموسيقى وترشف القبلات
!في سعادة وكأنه لا شيء حدث

!..إنّي أنحني احتراماً لهذا الأسد الإنسان
!!!بل إني لأظلمه وأسبّه حين أصفه بالإنسانية

كانت آخر كلمة قالها ( الحلو ) وهو يموت ..
أوصيكو ما حدش يقتل سلطان..
وصية أمانة ما حدش يقتله

هل سمع الأسد كلمة مدربه .. وهل فهمها؟
...يبدو أننا لا نفهم الحيوان ولا نعلم عنه شيئاً

إنّ القطة العجماء
تتبرز ثم لا تنصرف
حتى تغطي برازها بالتراب
هل تعرف تلك القطة
معنى القبح والجمال..؟

وهي تسرق قطعة السمك من مائدة سيدها
وعينها تبرق بإحساس الخطيئة فإذا لمحها تراجعت ..
فإذا ضربها طأطأت رأسها في خجل واعتراف بالذنب
هل تفهم القانون؟؟؟
هل علمها أحد الوصايا العشر؟؟

والجمل الذي لا يضاجع أنثاه
إلا في خفاء وستر .. بعيداً عن العيون،
فإذا أطلّت عين لترى ما يفعله
امتنع وتوقف !ونكّس رأسه إلى الأرض
!!!هل يعرف الحياء..؟

وخلية النحل التي تحارب لآخر نحلة
وتموت لآخر فرد في حربها مع الزنابير..من
علّمها الشجاعة والفداء..؟

ومن علّم تلك الحشرات الحكمة
والعلم والطب والأخلاق والسياسة؟؟؟؟؟

لماذا لا نصدق حينما نقرأ
في القرآن أنّ الله هو المعلم؟؟

ومن أين جاءت تلك المخلوقات العجماء
بعلمها ودستورها إن لم يكن من خالقها؟؟؟؟

!!وما هي الغريزة..؟
!!أليست هي كلمة أخرى للعلم المغروس منذ الميلاد؟؟
!!!..العلم الذي غرسه الغارس الخالق

وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً "
ومن الشجر ومما يعرشون

ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات
أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة؟؟

("" وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم
ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون"")

("" واذا الوحوش حشرت "")

ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذي انتحر
على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس
وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسؤولية؟؟!!..

نفس لها ضمير يتألّم للظلم





!!!والجور والعدوان؟؟






عن الكاتب


د. مصطفي محمود





مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، (27 ديسمبر 1921 - 31 أكتوبر 2009) مفكر وطبيب وكاتب وأديب مصري ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة. قدم الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان) ا من اقوالة : " قيمة الإنسان فيما يقدمة للإنسانية من مولدة وحتى وفاتة"ا







الأربعاء، 11 مايو 2011

غلطه مين ,, والله ما هى فارقه






حكايه مرت عليا
بس ما مرتش مرور الكرام كالعاده
زوج رايح لدكتور انف وأذن بيشكى له
زوجتى اللى بحبها
॥ اصبحت تقريبا مش بتسمع
مش عاوز اجرحها
॥عاوزها تتعالج
مش عاوزها تحس انى متضرر
الدكتور قال له هى حالتها خطيره
॥ قاله جدا يادكتور
قاله طب احنا عاوزين نحدد الحاله
انت توقف على بعد اربعين قدم منها وتكلمها بالنبره العاديه
ولو ما سمعتش
॥ قرب تلاتين قدم
وبنفس النبره
ولو ما سمعتش قرب عشرين
وبنفس النبره
وفى الاخر قرب عشر اقدام ولو ما سمعتش يبقى تقريبا صمم كامل


راح الزوج لاقاها بتطبخ فى المطبخ
وقف بعد الاربعين قدم
طبخالنا ايه النهارده يا حبيبتى
ما ردتش
تلاتين
طابخلنا ايه يا حبيبتى
مردتش
عشرين
هتغدينا ايه النهارده يا حياتى ما ردتش
عشره
نفس السؤال
ومافيش رد
خمسه
يا حبيبتى بسالك هتغدينا ايه النهارده
قالتله يا حبيبى دى المره الخامسه اقولك بطبخ فراخ وبحمر بطاطس اصبر شويه ....


وربطتها بمواقف ف حياتى لاقيتها مرسومه احيانا ساعات الواحد بيرسم صوره اللى قدامه وهو مش دارى ان العيب فيه هو اصلا
وممكن الواحد تترسم له صوره عند حد بخطأه هو مش خطأك انت ولو محصلتش لحظه الواقع بينتهى كل واحد لرأيه وهو مقتنع بيه تماما


... بس فى موقف من المواقف لازم الواحد يسأل نفسه هى غلطه مين هنا بصراحه انا شايف انها مش فارقه لو الوضع كان زى القصه لكن لو كان نفس الوضع بس حصل منها جرح ممكن حد يقول غلطه اللى اتهم وممكن حد يقول غلطه المتهم بس انا مش شايفها كده خااااااااااااااالص ॥ رايكم ايه

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

لكل كلمه ... معى قصه


مجموعه كويسه من كلمات الاسبوع اللى فات جميله اوى......





لم أجهــــل الحقيقــــــة يومـــــاً...و لكننــــي أمـــارس " العمــــى "
بـإحتراف لكي أعيــــــش !!!




لـيــس مـن الــعــــدل .. أن تــقــول بــأنـــك تــحــبـنــي
عــنـــدمــا أردتـــك صــديــقـــاً ... وكــم غـــريــب أن تــقـــول بــأنـنـــا أصـــدقــاء بــعـــد أن أحــبـبـتـــك بــصـــدق ... والأغــــرب مـن هـــذا كــلـــه أن لا أجـــدك الــيـــوم لا صــديــقـــاً أحــبـبـتــه ولا حــبـيـبـاً صادقتـــــه









عنــــدما ســــألوني عنـــــك ,,,

تبعثــــــر كبــــــريــائـــي أمـــامهم ,,,

واختـــنقت الكــلمات بصـدري,,,

وفـاضـت من عينـي الــدمــوع,,
شكـــــــرا لمن ظلمنى و ابكانى

و أعطانى فرصة التفكيـــــــر فى شخـــص اخر..

سو ف تسمــــــــع عنى و تعرف أخبارى ممكن..

و لكنك بعد الان ابــــــــــدا لن ترانى

فـماذا أجيــبهم,؟؟...

{خـــذلتنــــي}









>كــــم هـــو صعــــب أن أعــتـــرف بانـــي لـــم أخـــلـــق لــك ,,,


ولــكــنـــي كنت على استعداد من ان أمــــــــوت لأجــــلك...!!!!












يظن حين اتحدث عن ذكرياتة انني لاازلت احبة و يظن حين اكتب عنة بعين الرضا اني لاازلت اتمنى عودتة ... و لكنة لا يعلم انني منذ فراااقة عددتة ميتا ... فحديثى الابيض عنة ماا هو الا امتثاالا لقول المصطفى "ص" اذكرو محاااسن موتااكم


















>قررت حذفك من جميع دفاتري ونسيت ان دفاتري بيديك

ورايت إقفال المنافذ بيننا فتركت مفتاح الدخول لديك
واردت ان الغي التحية عامدا فبدأت يومي بالسلام عليك
قررت اني لن احبك بعدما ابصرت وهج الشمس في قدميك
وعلمت اني لامحالة خاسرا من رحلة النعناع في شفتيك
قد قيل اني لن اكون بمفردي عند التجول في ربى ساعديك













لا تُرغِم أحداً .. على المجيء إليكْ



..

لا تخبر أحداً .. أنّك كـــــــــنتَ تبكيْ ..
“الصّادِق” سَـيأتيكَ من دون أن تُشعره أنّك محتاج إليهْ ..!!








لـــن أكــرهــك .. ولــكننــي سـأتـــركـــك تـــمـــر...كــــأنـــــك لــــم تــكـــن.!!!
فـــعُــــــذراً أيـــُهـــآ الحـــُبْ فــأنـنــي لــم أعُـِـــُـد أثـْـــِقُ بـــــــك ... !!!










يرعبنـــي جــــدا. أن أكتشـــف أننـــي كنـــت أرســـم أحلامـــي لشخـــص أعمـــى ...,وكنـــت أصــف مشاعـــري لشخـــص أصـــم , و أكتــــب معاناتـــي لشخـــص جاهل لا يعرف القرائــة









هناك فئه من البشر
تراهم سعيدين دائما
يضحكون معك
يحملون همومك
وينسونك احزانك
......وبعد ان يحين وقت نومهم
يقولون لك تصبح على خير
وانت تظنهم نائمين
ولكنهم هناك
على طرف السرير . .يشكون همهم لـِ انفسسهم
وتبدأ ذكريات قاسيه بالمرور في اذهانهم
غصات حارقه تملأ قلوبهم
ودموع تغرق وسادتهم
فيدخلون في نوبات بكاء عميق
رغبه في التنفس بعد الاختنآ آ آ ق !
فئه قويه جداُ
ولكن قد تنهآ ر في اي لحظه










أڪــثــــر مــا أפֿـــافــہ |عــلـيــگ|

هــــو أَטּ { تـتـבــاســـب } يــومـــاً مــــا

عــلــى [ الـבـــزטּ ] الــذي سـبـبـتـــــہ لـــي














يــراودنــِـِــي ســــؤال من يــــوم تركتــــــني وﺄنــا آبــحث لــهُ عــن إجـــآبــه هــل يــآ تــٌــرى آفـــرطـــتُ فــي حٌــبــي لــك ﺄنــا ؟.. ﺄم ﺄبــدعـــتَ فـــي مُــكــافــئــتــي ﺄنـــت؟











السبت، 16 أبريل 2011

ده اللى ليك عندى يا مخلوع ؟؟ معنديش اسف







اقول اسف على ايه ؟؟
خد عندك:

وطبعا لو معندكش نيه تقرا فيه ملخصات سلاح تلميذ تحت كده !



التوريـــــــــــــــــــــــــــثــــــــــــــــــــــــــ للبيه




أوضح القرآن الكريم أهمية العامل الوراثي عندما أورد دهشة أهل مريم التى دخلت عليهم تحمل المسيح عليه السلام حيث قالوا لها ومذكرين بأصلها الطيب " ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " ، كما أورد ابن ماجة عن النبى ص . ع قوله " إن العرق دساس " ، كذلك انتشرت بين أعراق البشر المختلفة الأمثال التى تؤكد ذلك ، ثم جاء العلم الحديث منحازا لكل ما سبق ..

نحن إذن أمام منحدر خطير تقف مصر على حافته ، إذا كانت أحوال مصر من خلال الأرقام المستقلة التى على الورق ومن الواقع الذى يعيشه الناس تؤكد أن مبارك قد " خربها وجلس على تلها " ، فماذا بوسع ابنه المدلل جمال أن يقدم ؟! ..

بدأ مبارك حياته كضابط من أسرة فقيرة ، كان أبوه يعمل " نفرا " فى مزارع أثرياء شبين الكوم ثم وجد عملا فى محكمة شبين الكوم وكانت الأسرة جميعها تعيش فى شقة من غرفة واحدة ..
أدرك الضابط مبارك منذ بداية حياته العملية أن الثورة التى كانت فى حاجة إلى تأمين وجودها تعتمد على أهل الثقة ، فلجأ إلى الوشاية برفاق السلاح من خلال التقارير الأمنية ، كانت نتيجة ذلك تسلقه السريع فى الجيش على حساب الكثير منهم .. لعب القدر لعبته وجاء السادات إلى الحكم وصاحب ذلك علامات استفهام مازالت حتى الآن تبحث عن إجابة ( راجع الحلقة الرابعة من دراسة " حرب أكتوبر وضرورة لجان التحقيق المستقلة " لكاتب المقال ) ..

عرف عن السادات علاقاته الخاصة مع أهل محافظته ، وصعد مبارك إلى منصب قائد الطيران فى وقت شعر السادات فيه أن الطيران يخطط للإنقلاب عليه ( واجه السادات محاولتين إنقلابيتين فى عامى 71 ، 72 من العيار الثقيل ) .. أصبح مبارك نائبا للسادات بعد أن اطمئن من توافر شرط الطاعة العمياء فيه وتخلص من حسين الشافعى الذى كان يشكل عبأ ثقيلا على صدره ، ثم رئيسا للجمهورية ..

جميعنا يتذكره بسحنته الصفراء فى بداية حكمه ، كم تمسكن وكم كان متواضعا عندما ظهر فى التلفاز جالسا بجوار أحد أعضاء مجلس الشعب وقال له " حضرتك " .. ظننا جميعا أنه موسى حتى اتضح على حقيقته ، فرعونا يحتقر شعبه ويمص دماءه ، السادات وصل إلى نفس النتيجة قبل أيام من رحيله ولم يتمكن من تصحيح أفدح الأخطاء فى حياته بإقصائه رغم صدور القرار بذلك .. جميعنا يتذكر أحاديث المسكنة والتخدير التى ألقاها علينا :
* لن أرحم أحدا يمد يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقرباء ، إننى لا أحب المناصب ولا أقبل الشللية وأكره الظلم ولا أقبل أن يظلم أحد وأكره استغلال علاقات النسب ( 18 أكتوبر 1981 جريدة مايو ) ..
* الكل سواء عندي أمام القانون ونحن لا نريد قانون الطوارئ ( 20 أكتوبر 1981 جريدة نيويورك تايمز ) ..
* لن أقبل الوساطة وسأعاقب لصوص المال العام ( 26 أكتوبر 1981 مجلة أكتوبر ) ..
* مصر ليست ضيعة لحاكمها ( المصور 30 أكتوبر 1981 ) ..
* الكفن مالوش جيوب ، سنعلى من شأن الأيادى الطاهرة ( خطاب له فى فبراير 1982 ) ..
وكأن الآية الكريمة " فاستخف قومه " كانت تقصده ، وكأن فرعون الأقدمين – بما ارتكب فى حق المصريين - يقف قزما أمامه ..

أما المدلل جمال فلا حاجة له بالمرور بهذا الصداع الذى مر به أبوه ، هو يعتقد أنه يحق له أن يبدأ من حيث انتهى إليه أبوه .. لم يكن بحاجه إلى دخول الجيش كما فعل شباب مصر لأن أباه أعفاه من خدمة العلم .. لم يكن بحاجة إلى أن يكون فقيرا لأنه – مع شقيقه – بدأ حياته العملية فى فرض الإتاوات على خلق الله الناجحين فى مصر ، وقصصهما مع المرحوم وجيه أباظة وآخرين وأعمال السمسرة التى قاما بها فى ديون مصر ، ونهب ثروتها من خلال الواجهات معروفة عن ظهر قلب للمصريين .. لم يعد فى حاجة أيضا إلى أن يتمسكن حتى يتمكن ، لأن القوة الأمنية وقوانين الطوارئ التى يعتمد عليهما أبوه توفر له – كما يظن – الخلافة الآمنة ..

إن أرقام المراقبين المستقلين تؤكد أن الأموال المنهوبة باسم عصابة الأربعة - التى حولت مصر إلى مزرعة خاصة لهم - تقدر بخمسين مليار دولار وهى موضوعة فى بنوك خارج مصر ، هذا بالإضافة إلى بعض " الفكة " الموضوعة فى أصول داخل مصر باسم زمرة من الواجهات من أمثال أحمد عز وحسين سالم ..

إن جمال مبارك يشارك أباه مشاركة فعلية فى حكم مصر منذ عقد من الزمن ووصلت البلاد معهما إلى وضع متفجر .. يتطلب الأمر إذن فتح الكثير من الملفات التى دفع بها مبارك وابنه مصر إلى الوراء ، ولا نبالغ حين نقول أن إصلاح تلك الملفات سيحتاج – فى حالة وجود حكومة وطنية خالصة – إلى عقود من الزمن وقد يقضى جيل كامل من أبناء مصر الوقت فى ذلك ..



الملف الصحى للمصريين فى عهد مبارك










ان شعار " موت وخراب ديار " هو أهم ما يميز أعمال مبارك فى هذا الملف .. إننا نضع العناوين الثمانية التالية بما فيها من تفاصيل لنوضح - قدر إمكاننا - على حالة المصريين الصحية فى عهد مبارك :

* أولا : سرطنة الأرض الزراعية ، ومواسير مياه للشرب وللصرف الصحى غير مطابقتين للمواصفات :
إنها أم الكوارث التى ارتكبها مبارك فى حق الشعب المصرى .. لم يتمكن إن أعداء مصر بجيوشهم المديدة أن يلحقوا بها ضررا على مدى تاريخها كما فعل بها مبارك .. إن حكومات الفساد التى يقودها مبارك تقف وراء استعمال مواسير غير مطابقة للمواصفات والتى سرعان ما تصدأ وينتشر بها الثقوب ، يكفى ثقب واحد وصغير من هذه المواسير إلى خلط مياه الشرب بمياه الصرف الصحى ..
وضع خبراء متخصصون مشروع محطة الجبل الأصفر للصرف الصحى بتكلفة 400 مليون جنيها إلا أن مبارك أسند العملية إلى مكتب وزير فاسد بحكومته وهو إبراهيم سليمان – بالمخالفة الصريحة للقانون - وتم التنفيذ بتكلفة أكثر من ثلاثة أضعاف حيث بلغت مليار ونصف المليار جنيها ..

إن هذا الجرم الذى يرتقى إلى حد التدمير الجماعي للشعوب هو الذى يقف وراء الانتشار الغير مسبوق دوليا فى إنتشار أمراض الفشل الكلوى والسرطان وفيروس الكبد وضغط الدم والضعف الجنسى بمصر .. نستعرض هنا بعض أقوال ودراسات المتخصصين فى هذا الشأن :
1- تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا فى أمراض الكبد و السرطان والفشل الكلوى وكذلك ضغط الدم ( 26 % من عدد السكان مرضى بارتفاع ضغط الدم ) ..
2 - طبقا لدراسة أعدها د. كامل كمال الخبير بقسم المجتمعات الريفية والصحراوية بالمركز القومى للبحوث فى عام 2008 فإن 28 % فقط من سكان مصر يتمتعون بالصرف الصحى ..كما صدر تقرير فى 17 ديسمبر 2009 للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان " تلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد حياة المصريين " وذكر أن 76% من مياه القرى المصرية مخلوطة بمياه الصرف الصحى وهو ما يؤدى إلى 100 ألف حالة فشل كلوى سنويا بالإضافة إلى سلسلة من الأمراض الأخرى ..
3 - أورد الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره فى عام 2006 أن هناك 79 ألف حالة انفجار بمواسير المياه والصرف الصحى فى القاهرة وحدها خلال العامين 2004 / 2005 نتيجة عدم مطابقة تلك المواسير للمواصفات العالمية .
4 - يقول تقرير الجمعية الأفريقية لأمراض الكبد عن عام 2006 أن 12 مليون مصرى مصابون بالكبد الوبائى ، أضاف التقرير أن بعض محافظات الدلتا - مثل المنوفية - تبلغ نسبة الإصابة بها 62 % من السكان ..
كما أكد د. أحمد مدحت نصر ـ رئيس الجمعية المصرية للفيروسات الكبدية ـ فى 25 ديسمبر 2009 أن عدد المصابين بالكبد بلغ 14 مليون مصري ، وأشار إلي أن الفيروس الكبدي «C» قد دخل كل بيت في مصر تقريباً ، مؤكداً أن الإحصائيات الحديثة أثبتت وجود مضاعفات مستمرة نتيجة الإصابة بالفيروس مثل الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن وتليف الكبد والسرطان والغيبوبة الكبدية، جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الثاني عشر لأمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة أسيوط ..
وفى نفس المؤتمر قال د. عبد الغني عبدالحميد سليمان ـ رئيس قسم الجهاز الهضمي والكبد بجامعة أسيوط ـ أن سرطان الكبد يعد ثاني أنواع السرطانات شيوعاً في مصر ويعد من الأسباب الرئيسية للوفاة بين المواطنين ، وأوضح أن نصف الوفيات من المصريين في الأعمار ما بين 25 إلي 50 سنة ترجع للأمراض الفيروسية التي تصيب الكبد ومضاعفاتها، وعادة تكون موجودة دون أن يشكو منها المريض وربما تتكشف عند الفحص الإكلينيكي أو عند إجراء تحاليل طبية..
وأكد د.ماهر العسال ـ عميد كلية الطب ـ فى نفس المؤتمر السابق أن 12% من سكان مصر مصابون بالفيروس «C» وأشار إلي أن نسبة الإصابة في مصر بلغت نحو 4% علي مستوي العالم وفقاً للدراسات العلمية الحديثة الصادرة عن أكاديمية البحث العلمي ( يبلغ سكان مصر 0.7 % من سكان العالم ) ..
5 - يقول المشروع القومى لمكافحة السرطان فى تقريره الصادرة فى عام 2008 أن هناك مائة ألف حالة جدبدة على الأقل تصاب بالسرطان سنويا حيث تضاعف السرطان فى عهد مبارك إلى ثمان مرات لتحتل مصر أعلى نسبة فى السرطان بالعالم ..
6 - أصدرت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان تقريرا فى يونية 2008 صنفت فيه مدينة قها بمحافظة القليوبية كأعلى منطقة فى العالم تتكبد وفيات بمرضى فيروس سى والفشل الكلوى بسبب تلوث مياه المختلطة بالصرف الصحى ..
7- طبقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 80% من المرضى المصابين بفيروس (سي) يتطورون إلى التهاب كبدى مزمن ، ومنهم 20% يصابون بتليّف ثم إلى السرطان والذى يعتبر من أكثر أنواع التهابات الكبد بطئًا في إظهار آثارة المدمرة على الكبد على مدى سنوات طويلة ويسمى القاتل الصامت ..
8- كنتيجة لضياع هيبة مصر إفريقيا لجأت بعض دول الحوض إلى بناء السدود على النيل مما حد من تدفقه ، كما ساهم توقف البحوث فى جميع المجالات العلمية ومنها الزراعية فى تدوهور دخل مصر المائى ، أدت تلك العوامل إلى الإعتماد على مياه الصرف الصحى الغير معالجة فى الزراعة ، وهو ما أدى إلى تفاقم إرتفاع معدلات الكثير من الأمراض الخطيرة السابقة ..
9 - ذكرت منظمة الصحة العالمية فى تقرير لها فى عام 2008 أن 95 % من مرضى السل يتركزون فى تسع دول منها مصر ..

* ثانيا : أمراض الاضطراب النفسى فى عهد مبارك :
1 - طبقا لتصريح الدكتور ناصر لوزة أمين عام الصحة النفسية لصحيفة الدستور المستقلة فى 19 سبتمبر 2007 فإن عدد المرضى النفسيين فى مصر قد وصل إلى 20 مليون مواطن ..
يقول د. أحمد عكاشة وهو خبير عالمى بالطب النفسى أنه يوجد ضمن الرقم السابق مليون ونصف المليون مواطن مصابون بالإكتئاب ، ويضيف د. عكاشة أن حالة الاكتئاب الوطنى التى يعيشها المواطن المصرى هى نتيجة طبيعية للفقر وإحساس الشعب بضياع حقه فى الثروة الوطنية وانعدام فرص التغيير أو المشاركة السياسية ..
ويكمن الحل – فى نظر د. عكاشة – فى التغيير ، ليس فقط فى الوجوه بل الأهم فى السياسات مع رغبة صادقة فى الإصلاح وإطلاق الحريات ، إن خطورة هذا المرض الصامت هو أنه سيصل – كما يقول د. عكاشة – إلى ثانى أخطر الأمراض فى عام 2015 .
وفى حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية فى 1 سبتمبر 2009 يضيف د. عكاشه أن هناك 8 آلاف سرير فقط للمرضى النفسيين فى مصر بمعدل سرير لكل 10 آلاف مريض نفسى ، وهو رقم ضئيل للغاية ..
2- فى تقرير صدر فى عام 2006 عن مركز السموم التابع لجامعة عين شمس ، فإن عدد المنتحرين قد وصل إلى 11 ألف حالة فى عام 2005 ، رغم أن المركز المذكور ليس لديه إحصاء شامل على المستوى القومى ..
ويقول د. أحمد حمدى أستاذ علم الإجتماع فى صجيفة الفجر 21 ديسمبر 2009 أن الإنتحار قد تطور فى مصر من فردى إلى جماعى ، فهناك أباء لا ينتحرون بمفردهم ولكنهم يقتلون قبل شروعهم في الانتحار بقية أفراد الأسرة ، ويضيف د. أحمد حمدى أن مجموعة من طلبة كلية الخدمة الاجتماعية رصدت في بحث استقصائي حول حالات الانتحار الجماعي ، أنه من بين كل 10 حالات انتحار توجد حالتان علي الأقل للانتحار الجماعي حيث يفضل الأب الذي يرغب في الانتحار الموت مع زوجته وابنائه فيقوم بقتلهم او حرقهم فجأة ، في حين توجد عائلات أخري قد انتحرت بالفعل بموافقة جميع أفرادها ..

* ثالثا : أمراض القلب :
تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا فى أمراض القلب فى الفئة العمرية 25 / 35 عاما .. جدير بالذكر أن نذكر أن دراسة طبية أمريكية أعلنت عنها وكالات الأنباء العالمية فى 28 أبريل 2008 ومفادها أن المدير السىء يتسبب فى أمراض قلبية لموظفيه ( لابد أن نذكر أن المدير السىء هنا هو مبارك فقد انشغل منذ أن ابتليت به مصر بتأمين وجوده ونهب ثروات مصر وهو ما أدى إلى نتائج وخيمة على جميع الأصعدة التى يعيشها المواطن المصرى ) ..

* رابعا : غياب التخطيط السكانى :
يعتبر التخطيط السكانى أحد أهم العوامل المؤثرة فى صحة المواطنين ، لقد أدى إهمال نظام مبارك له إلى ما يلى :
1- ازدياد غير مسبوق فى الازدحام وهو ما أدى إلى زيادة نسبة التلوث فى القاهرة الكبرى لتصل إلى 11 مرة عن المعدل العالمى وهناك مجموعة من الأمراض التى تصاحب ذلك أهمها السل ..
2- محاصرة القاهرة الكبرى بمناطق من المساكن العشوائية تفتقد إلى الحد الأدنى للمعايير الصحية من مياه وصرف صحى ، لا نبالغ إذا قلنا أن تلك البؤر العشوائية تشكل حزاما ناسفا وقنابل موقوته فى صميم الأمن القومى المصرى ، ولا تقل خطورتها عن خطورة دولة معادية تكمن على الحدود لتهديد أمن الوطن ، هذا بالإضافة إلى بعدها الإنسانى والذى يشكل ظلما اجتماعيا فادحا يصيب قطاعا عريضا من المواطنين بأمراض نفسية وعضوية خطيرة ..
لقد كشفت تقارير عدة صدرت من الأمم المتحدة أن عدد المصريين الذين يعيشون في مناطق العشوائيات قد وصل إلى 16 مليون نسمة ، وأن مصر بها 1200 منطقة عشوائية منها 20 منطقة غير قابلة للتطوير ويجب إزالتها، وأن القاهرة وحدها تضم 81 منطقة عشوائية وأن تلك العشوائيات زادت بنسبة 800 % منذ عام 1985 ..
3- انتشار أكوام القمامة فى شوارع مصر بصورة أجبرت المواطن على التعايش معها حتى ضمن المناطق الراقية ولم تعد تشكل أدنى مسئولية أو خجل لدى نظام مبارك ، يحدث ذلك فى بلد تمثل السياحة فيه عنصرا هاما من العناصر الأربعة للدخل القومى ..

* خامسا : الإهمال وغياب الرقابة الصحية :
تخلى الجهاز الرقابى فى عهد مبارك عن دوره فى حماية صحة المصريين لشعوره باليأس بعد أن أدرك أن القيادة السياسية – المشغولة حتى آخرها بتأمين وجودها ونهب الثروة - غير جادة فى الإصلاح الصحى ..
نستطيع أن نقيم أخطاء الأهمال وغياب الرقابة الصحية فى النقاط التالية :
1- قلة سيارات الإسعاف : صرح اللواء أحمد فرج مساعد وزير الصحة للشئون المالية والإدارية فى 17 مارس 2008 أن مصر بها 1857 سيارة إسعاف فقط منها ألف سيارة لا تعمل ، أى سيارة لكل 85 ألف مواطن تقريبا بينما المتوسط العالمى هو سيارة لكل 2500 مواطن وسيارة لكل 500 مواطن فى كل من أمريكا وأوربا واليابان وإسرائيل ..
( يحدث ذلك فى بلد تنتشر فيه عشرات الآلاف من سيارات الأمن المركزى من ماركة مرسيدس التى تعمل بكفاءة ممتازة ، مع ما يصاحب ذلك من تضخم فاحش فى ميزانية وزارة الداخلية فى كل عام وانكماش فاضح فى الوزارات الخدمية والتى منها التعليم والصحة ) ..
كما أكدت منظمة الصحة العالمية فى إحصائية صادرة لها فى يونيو 2008 بمناسبة مرور 105 على إنشاء الإسعاف فى مصر أن 40 % من ضحايا حوادث الطرق فى مصر والبالغ عددهم 6450 قتيل فى عام 2007 كان يمكن إنقاذهم فى حالة وصول سيارة الإسعاف فى الوقت المناسب ..
2- إساء تخزين القمح مما يؤدى فى النهاية إلى زيادة الأتربة فيه والحصى ونمو السوس نتيجة الرطوبة العالية فى أماكن التخزين وهو ما يؤدى انتشار الإفرازات السامة ومن ثم سرطنة القمح ..
3- قدم عضو مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين د. فريد إسماعيل استجوابا إلى وزارة الصحة فى 28 فبراير 2007 واتهم وزارة الصحة بالإهمال في برنامج مكافحة العدوى ، وقد ذكر النائب إن الإصابة بفيروس (سي) باتت أخطر وأفظع من أي وباء شهدته مصر في تاريخها ، وأضاف بقوله " لم نعرف ولم يعرف أي بلد وشعب في العالم وباء يستمر كل هذه السنين بنفس الخطورة وبأعلى درجة انتشارٍ دون أن تحاصره الدولة ودون أن تقاومه، والأكثر مرارة دون أن تعلن عنه وتحذر منه ".
4- ذكر رئيس الإتحاد الدولى للكبد د. جمال عصمت فى ندوة عقدتها نقابة الإطباء فى 24 يونية 2008 بأن 70 % من حالات العدوى بفيروس " سى " تحدث فى المستشفيات الحكومية بسبب حالات الإهمال والتسيب السائدتين فى قطاع الصحة..
5- صدرت دراسة فى 25 نوفمبر 2009 من المجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية تؤكد أن مياه النيل قد تلوثت بفعل المزارع السمكية ومخلفات المصانع ، وينتج عن ذلك التلوث إصابة المواطنين بالفيروسات الكبدية وتسمم الدم وتهدد صحة الأطفال..
6- حسب تقرير صدر من وزارة الصحة فى بداية 2009 فإن 80% من غرف مستشفيات مصر غير مطابقة للمواصفات العالمية وناقلة للعدوى التى لم قاصرة فقط على المرضى ، ولكن أيضا الأطباء والممرضون والفنيون والعمال بمن فيهم جامعوا قمامة المستشفيات ..
7- فجر د. عمرو قنديل وكيل وزارة الصحة فى استجواب أمام لجنة الصحة فى مارس 2009 مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد أن 25 % ممن يجرون عمليات جراحية بالمستشفيات الحكومية يصابون بفيروس الكبد الوبائي "سي" نتيجة انتشار العدوى بها ، وأضاف أن هذا الفيروس يتحول من سالب إلى موجب بين المرضى نتيجة ارتفاع نسبة العدوى داخل المستشفيات إلى 19%، وبرر ذلك بأنه لا يوجد ميزانية مخصصة بالوزارة لمكافحة العدوى داخل تلك المستشفيات، ولا يوجد مسئولون مختصون في كل مستشفى ..
8- انتشار ظاهرة " أدوية بير السلم " وهى عبارة عن أدوية مصنعة داخل مصر من قبل جهات انعدم الضمير لديها حيث تقوم بتصنيع أدوية تحمل نفس الشكل لأدوية غالية الثمن لأمراض خطيرة مثل القلب والكبد والفشل الكلوى والسرطان والسكر والضغط لكنها إما معدومة الفاعلية أو مضرة ، النتيجة هى موت المرضى بدلا من شفائهم بعد أن يدفعوا نفس الأسعار التى يحملها الدواء الأصلى ..
9- انتشار الأطعمة الغير مطابقة للمواصفات.. فقد تحدث مجموعة من الباحثين فى الأسبوع الأول من نوفمبر 2009 ( د. عمرو راضى شلبى الأستاذ بمعهد تكنولوجيا الأغذية ، د.أحمد فرحات الباحث الأول بقسم الأغذية الخاصة والتغذية بمركز البحوث الزراعية ، د. رندة شريف استشاري طب الأطفال ) عن الازدياد الغير مسبوق فى نسبة المواد الحافظة فى الأغذية ( مواد النتريت ، ميتا باى سلفيت ، الفورمالين ) التى تقدم للمصريين وخاصة الأطفال ( 25 مليون طفل مصرى ) بسبب الجشع لدى أصحاب تلك المصانع ورغبتهم فى تحقيق الربح السريع من خلال تلك المواد التى تحفظ الأغذية فى المخازن لفترات طويلة وتكسبها مذاقات مميته ..
وكشفت دراسة أخرى صدرت عن غرفة الصناعات الغذائية بالتعاون مع كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية فى نوفمبر 2009 ومفادها أن 80 % من الأغذية المطروح بالأسواق تشكل خطرا على صحة المواطن بسبب إنتاجها فى مصانع أسمتها بـ " مصانع بير السلم " ، وأضافت الدراسة أيضا أن 18% من ميزانية وزارة الصحة تذهب لعلاج أمراض ناتجة عن تلوث الغذاء التي تنتجها تلك المصانع التى لم يعد وجودها يقتصر علي القري والمناطق العشوائية فقط بل أصبح عددها داخل المحافظات خاصة القاهرة إلي أمر مريع ..

* سادسا : نقص الغذاء والدواء :
إذا قلنا فى بداية المقال أن قطاع الصحة هو أحد أضلاع مثلث الأمن القومى فى أى دولة ، فإننا وبلا مبالغة نستطيع أن نقول أن الغذاء والدواء هما قاطرتا الصحة ..
1- عن نقص الغذاء فحدث ولا حرج عن ندرته ، يكفى نظرة إلى أرقام الاستيراد منه كى تلقى الرعب فى قلب كل مصلح لهذا البلد .. مصر الزراعية أصبحت تستورد 80 % من الفول المدمس وخصوصا من كندا ، والأولى عالميا فى استيراد القمح والرابعة عالميا فى استيراد الذرة ، كما تستورد 40 % من زيت الطعام .. فى 10 أبريل 2008 أصدر البنك الدولى بيانا ذكر فيه أن مصر على رأس 33 دولة مهددة بأزمة غذائية حادة ومشاكل اجتماعية خطيرة مرشحة للاستمرار لفترات طويلة ..
وفى 1 سبتمبر 2009 صدر تقرير من مركز المعلومات بمجلس الوزراء أكد أن 33 % من شعب مصر يتناولون إفطارهم الرمضانى فى موائد الإفطار ..
2- عن الدواء فإن أحد أهم واجبات الدولة هو توفير الدواء لمواطنيها بسعر يتناسب مع دخولهم .. إننا نلاحظ مما سبق عرضه أن أغلب الأمراض التى أصابت المواطن المصرى هى من صنع الحكومة نفسها ، لكن النظام الذى أجرم فى الأولى نراه يجرم هنا فى الثانية وهو التخلى عن واجباته فى علاج من تسبب بمرضهم من المواطنين ..
لقد لجأ نظام مبارك إلى المحرمات فى قطاع الصحة وهو طرح شركات الأدوية إلى مجموعة من " الواجهات " التى تدور فى فلكه أو إلى جهات مشبوهة وبثمن بخس كى يتم تدويرها بعد ذلك لصالح أحد كبار الفاسدين فى نظام مبارك الدولة ...
( وقدر أوردنا فى الحلقة الثانية من تلك الدراسة – والتى تناولت نهب القطاع العام - نموذجا لشركة قطاع عام كانت تحقق أرباحا ونجاحا فى أعمالها وهى شركة سيد للأدوية ، وأوضحنا بلسان أحد المسئولين بها ومن خلال الأرقام كيف نهبها نظام مبارك ببيعها بتراب الفلوس لـ " واجهات " تعمل لحسابه .. النتيجة المحتومة لذلك هو سيطرة الأجانب على صناعة الأدوية فى مصر – وهى صناعة لا تقل أهمية عن صناعة السلاح وأحداث العراق أثناء حصارها مازالت ماثلة – والنتيجة الطبيعية لذلك هى الارتفاع المستمر لأسعار الدواء وتدهور صحة المجتمع المصرى والذى يمثل الفقراء والمعدمون النسبة الغالبة فيه ) ..

لقد قدر المراقبون لمف الصحة فى عهد مبارك أن مصر فقدت عشرة ملايين مواطن تقريبا من سكانها وهم عبارة عن وفيات سببتها الأمراض التى سبق ذكرها والتى صنعها نظام مبارك خلال سنوات حكمه ..

* سابعا : قبل أن نغلق ملف الصحة فلابد أن نشير إلى دراسة - ضمن مبكيات نظام مبارك الرديء - قد صدرت عن منظمة الصحة العالمية فى 9 أبريل 2007 ومفادها أن الإسرائيليين هم أقل شعوب العالم تغيبا عن العمل بسبب جودة المستوى الصحى الذى يتمتعون به ..


ملف التعليم فى مصر فى عهد مبارك











يعتبر التعليم الضلع الثانى فى هذا المثلث بينما تعتبر القوه

العسكرية والتى هى نتاج كل ملفات تلك الدراسة ضلعها الثالث ..
إذا علمنا أن الدخل القومى المصرى يعتمد على عناصر أربعة وهى البترول والسياحة وقناة السويس وعوائد المصريين العاملين فى الخارج ، فإننا نرى بوضوح ارتباط التعليم بهذه العناصر وعلى الأخص بالعنصر الأخير ..

لقد حققت مصر نهضة علمية كبيرة عقب الثورة من خلال مجانية التعليم وإنشاء الكثير من معاهد التعليم ومراكز البحوث ، وكان لذلك عظيم الأثر فى تخريج علماء أكفاء وعلى مستوى عالى فى شتى المجالات وبأعداد كبيرة .. ومع رحيل عبد الناصر أخذت تلك النهضة العلمية فى التباطؤ من سرعتها فى عهد السادات ثم التوقف فى بداية حكم مبارك ثم التراجع كما يحدث الآن ..
هناك دول كثيرة فى العالم كانت أقل شأنا من مصر – ومنها ماليزيا – حتى سبعينات القرن الماضى إلا أنها أنجزت تقدما كبيرا فى كل المجالات وكان باب التعليم هو المدخل الذى حققت من خلاله كل إنجازاتها ..

ربما كان التعليق الذى أطلقة رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس الشورى د. فاروق إسماعيل فى 7 نوفمبر 2009 بنقابة الصحفيين هو أصدق تعبير عن الحالة التعليمية فى عهد مبارك ، فقد قال " التعليم فى مصر أصبح شعبطة فى الأتوبيس ووضع الطلبة يشبه أوضاع الركاب فى الأتوبيس المصرى ، فهناك المتبطط وهناك المهروس وهناك المتشعبط " ، ثم أضاف قائلا " التعليم الجامعى فى مصر يفتقر إلى إستراتيجية طويلة الأمد لا تتغير بتغير الوزير " ..

من الطبيعى إذن أن يقوم أعضاء الحزب الوطنى فى مجلس الشعب فى الأسبوع الثانى من ديسمبر 2009 باجهاض 9 استجوابات تقدم بها 61 عضوا من نواب الأخوان والمستقلين حول انهيار وفساد التعليم فى مصر ..

إننا – وبحيادية - نقدم ما يلى من بيانات صادرة من مؤسسات متخصصة - بعضها قومى والأخر دولى بالإضافة إلى تعليقات المتخصصين - لندلل بذلك على انهيار وفساد التعليم فى عهد مبارك :

1- فى تقرير للأمم المتحدة صدر لسنة 2005 حول ما أحرزته مصر من تقدم ذكر أن 23.13 % من أطفال الفقراء فى مصر لا يذهبون إلى الدراسة بل يتجهون للعمل بسبب الفقر المتفشى بين الشعب ..

2- فى تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر من الأمم المتحدة ذكر أن مصر ضمن البلدان التسعة التى يوجد فيها أعلى معدلات الأمية حيث احتلت المرتبة 119 ، كما احتلت الأمية لدى المرأة المصرية المرتبة 75 من بين 87 دولة شملها التقرير ..

3- فى تقرير صادر فى عام 2006 من جامعة شنغهاى عن تصنيف أول 500 جامعة فى العالم يتبين منه خلو أى جامعة مصرية – أو حتى عربية – من تلك القائمة ، بينما احتلت أمريكا المرتبة الأولى بعدد 168 جامعة واسرائيل المرتبة الـ 12 بعدد 7 جامعات منهم جامعة ضمن المئة جامعة الأولى عالميا وهى الجامعة العبرية التى تقع فى المرتبة 90 ، وجنوب أفريقيا المرتبة الـ 26 بعدد 4 جامعات والهند المرتبة 33 بعدد 3 جامعات وتركيا المرتبة الـ 35 بعدد جامعتين ، وجاءت الجامعة الأمريكية بالقاهرة التى يفتخر خريجوها بأنها أفضل جامعات مصر فى المرتبة الـ 1518 ..
لقد إعتمد هذا التصنيف العلمى المحايد على سبعة معايير علمية خالصة منها عدد خريجى الجامعة الحاصلين على جائزة نوبل وعدد أبحاث الجامعة فى مجلتى Nature و Science ومساحة الجامعة وعدد كل من الطلاب والكادر التعليمى بها ..

4- لم يتوقف الفشل التعليمى على المستوى العالمى بل امتد أيضا للمستوى الإفريقي ، ليجلس بجانب الصفر الذى حصلنا عليه عندما اختارت الفيفا جنوب إفريقيا كأفضل دول إفريقيا لتنظيم مونديال 2010 .. ففى التصنيف الأفريقى لأفضل مئة جامعة أفريقية فى العام 2006 إحتلت جامعة القاهرة المرتبة الـ28 وسبقتها فى الترتيب جامعات من أوغندا وموريشيوس وناميبيا وزيمبابوى !! ، واحتلت جامعة عين شمس المرتبة الـ85 فى تلك القائمة الأفريقية ..

5- رصد تقرير منتدي دافوس الصادر في 2006 تراجع التعليم والتدريب والاستعداد التكنولوجي الذي يقيس القدرة علي نقل وتطويع التكنولوجيا لخدمة المجتمع فى مصر .. فطبقا لهذا التقرير احتلت مصر المرتبة 79 ، في حين جاءت قطر والإمارات والكويت وتونس والمغرب في ترتيب أفضل، أما إسرائيل فجاءت في المرتبة الثالثة علي مستوي العالم ..

6- كان التعليم هو أحد أهم الأسباب التى أوصلت إسرائيل إلى تحقيق تقدم زاهر رغم أن عمر الدولة هو 62 عاما أى نصف المدة التى قضاها مبارك فى الحكم ..
أنشأ المستوطنون اليهود فى فلسطين الجامعة العبرية فى عام 1920 ، بينما أنشأ العالم الكيميائى اليهودى حاييم وايزمان معهداً فى عام 1934 للبحوث تحت اسم "دانيال سييف للبحوث" ، فى نوفمبر 1949 أعلن رسميا تغيير اسمه إلى "معهد وايزمان للعلوم" وقد تولى وايزمان نفسه رئاسة الدولة منذ إنشائها فى 14 مايو 1948..
يعتبر معهد وايزمان منذ إنشائه القاطرة التى تجر الإقتصاد الإسرائيلى بسبب تأثير على إحداث تقدم سريع فى جميع مجالات المجتمع الإسرائيلى بما فيها المجال العسكرى .. ليس من المستغرب إذا أن يرفع المعهد لافتة كبيرة على مدخله تقول " معهد وايزمان فى خدمة إسرائيل ..

يحتل المعهد المرتبة الـ 152 فى ترتيب أفضل جامعات العالم طبقا لتصنيف جامعة شنغهاى الذى أشرنا إليه سابقا ، كما يحتل المرتبة الثانية فى أفضل جامعات الشرقى الأوسط بعد الجامعة العبرية والتى تحتل بدورها الترتيب الـ 90 فى تصنيف شنغهاى ..
ميزانية معهد وايزمان هى مليار ونصف المليار دولار فى عام 2006 ( حدود 9 مليار جنيه مصرى ) وتقسم على كلياته الخمس وهي : الفيزياء ، والكيمياء ، والأحياء ، والكيمياء الحيوية ، وعلوم الحاسب والرياضيات " .. كما أن المعهد المذكور لا يقبل إلا الطلبة الإسرائيليين بين صفوفه حتى يضمن الولاء التام لإسرائيل ، بينما لا تقبل الجامعة العبرية إلا الذين يتكلمون العبرية ..

قدم معهد وايزمان للعلوم أبحاثا علمية متقدمة على المستوى العالمى فى مجالات عدة مثل الطاقة الذرية والسرطان واللوكيميا والبصمة الوراثية ( D.N.A ) والطاقة الشمسية وتكنولوجيا النانو وعدسات النظارات وزجاج السيارات .. كما ساهم المعهد بصورة فعالة فى دفع إسرائيل إلى تحقيق صادرات كبيرة للماس بلغت فى العام الماضى 5.5 مليار دولار وهو ما يمثل 90 % من صادرات العالم ، علما أنها دولة غير منتجة له بل مصنعة فقط ( دخل قناة السويس بلغ 4.281 مليار دولار فى عام 2009 ) .. كما يقف المعهد وراء الكثير من صادرات السلاح الإسرائيل والذى تحتل إسرائيل مكانة متقدمة فيه عالميا ..

قدم الباحثون العرب فى كل دولهم ما مجموعه 2616 بحثا فى الفترة 1967 / 1983 بينما قدم باحثوا إسرائيل عن نفس الفترة ما مجموعه 4661 بحثا ( كتاب الإنتاج العلمى لمؤلفه أنطوان زحلان والصادر فى عام 1985 ص 119 ) ..
قدم العلماء العرب 836 براءة اختراع فى الفترة 1980 / 2008 ، بينما قدم علماء إسرائيل وحدها 16470 براءة اختراع عن نفس الفترة ( تقرير منظمة اليونسكو الصادر فى 31 مايو 2009 ) ..

تبلغ ميزانية البحث العلمى فى إسرائيل 4.7 % من إجمالي الدخل القومى ( أعلى نسبة فى العالم ) بينما تبلغ مثيلتها المصرية 0.1 % .. يقول العالم المصرى العالمى د. فاروق الباز لفضائية الجزيرة فى 1 أكتوبر 2007 أن كل دولار يُصرف على البحث العلمى فى أمريكا يأتى بعائد قدره 142 دولار .. كما يقول أ.د. عبد الله سرور رئيس اللجنة القومية للدفاع عن جامعة الإسكندرية فى ندوة عقدت فى 29 أكتوبر 2008 بأن ميزانية البحث العلمى فى أى قسم بجامعة الإسكندرية لاتزيد عن 350 جنيها سنويا ..

كان عبد الناصر قد تنبه فى بداية حكمه إلى التحدى العلمى وصراع الإرادات الذى كان يمثله كل من الجامعة العبرية ومعهد وايزمان للعلوم ، فقام بإنشاء المركز القومى للبحوث فى عام 1956 والتحق به خيرة علماء مصر فى جميع المجالات وساهم بصورة فعالة فى تقدم ملموس شعر به المواطن ..
تباطأ المركز القومى للبحوث فى تقدمه مع رحيل عبد الناصر ثم توقف هذا التقدم فى نهاية مرحلة السادات وتراجع إلى الوراء فى عهد مبارك .. إن نظرة واحدة إلى هذا المركز الآن تدل على تحول الباحثون العلماء إلى موظفين لا يذهبون إليه إلا لتلقى رواتب شهرية ومعلوم أن ميزانية المركز فى عام 2008 قد بلغت – بعد التطوير والتوسع ! - ما قيمته 350 مليون جنيها أغلبها مرتبات للعاملين بالمركز .. أما آخر ميزانية للتعليم قبل الجامعى فى مصر طبقا لما أعلنه وزير التربية والتعليم السابق يسرى الجمل وقبل أيام من رحيله فى ديسمبر 2009 فقد بلغت 31.6 مليار جنيه من إجمالى الموازنة العامة للدولة وأضاف أن 25.3 مليار جنيه من المبلغ المذكور هو عبارة عن مرتبات للعاملين أى بما يعادل 85% ..

7- تعتبر الحالة السياسية التى تعيشها مصر ( ومعها بقية الدول العربية ) من بطش وفساد وتوريث أحد أهم الأسباب التى أدت إلى التدهور الخطير الذى أصاب جميع مناح الحياة وأهمها التعليم بسبب اهتمام القيادة السياسية بالسيطرة على مقاليد الحكم بكل الوسائل ..
لقد سيطر ضباط أمن الدولة ليست فقط على الطلاب بل على ترقيات وتعيينات ونقل الأساتذة ، وهو ما أدى إلى تسميم المناخ التعليمى بالبلاد .. ليس غريبا إذن أن يضع تقرير اليونسكو الصادر فى 31 مايو 2009 مصر فى المرتبة الأولى عربيا من حيث هجرة العقول المميزة ..
فى هذا الشأن يقول أ.د. عصمت زين الدين عضو اللجنة القومية للدفاع عن جامعة الإسكندرية فى نفس الندوة التى أشرنا إليها سابقا والتى انعقدت فى 29 أكتوبر 2008 بأن هجرة العلماء هى نتاج للسياسات القمعية وضرب مثلا بالأستاذ محمد الصوان وشبهه بالعالم أحمد زويل مشيرا إلى حصول الصوان على جائزة أحسن عالم بالجامعات الأمريكية ..

8- نختم هذه الحلقة بما قاله د. أحمد زويل فى 12 يناير 2010 فى مؤتمر عقد فى القاهرة وحضره العديد من النخب الفكرية المصرية ، قال ما يلى :
" لا يمكن اختصار العلم فى بناء مبنى جديد وملئه بالمعدات الحديثة ودعوة مسئول كبير لافتتاحه ، بل هو نظام كامل للوصول إلى مستوى عال من الإبداع ، أعلم أن بينكم آباء قلقين على مستقبل أولادهم .. لقد تعلمت فى مدرسة حكومية مصرية وحصلت وقتها على أفضل نوع من التعليم ، تعلمت التصوير والفن ، تعلمت كيف أحيا فى مجتمع كان فخورا بما أنجزته ، وعندما كنت من المتفوقين نشر الخبر فى جريدة الأخبار ، وكان أهل مدينة دسوق يهنئون أسرتى .. الجامعات المصرية كانت فى القمة ، لو كانوا دفعوا لى لدخول الجامعة الأمريكية كنت رفضت .. لقد كنت محظوظا عندما عشت فى مصر فى الوقت المناسب وسافرت إلى أمريكا فى الوقت المناسب أيضا ، بعدما نجح الإنسان فى الصعود إلى القمر وتم اختراع الليزر وكانت بداية التكنولوجيا البيولوجية ، ومن هناك إلى جامعة كالتيك حيث تعلمت أن السماء هى حدودى. لا مدير يقول هذا غير ممكن ، أو يجب أن يوقع الوزير على الأوراق ، لا توجد بيروقراطية ، والنظام يسمح بالمجازفة ، ويعرف كيف يقيِّم ويقدِّر العمل ، والجميع يحاول مساعدتى على النجاح وليس الفشل ..
هذا هو المناخ الذى يسمح بإيجاد عقول مبدعة ..هنا تبدو العلاقة العضوية بالتعليم ، تعليم " يثير الفضول" ، وليس نقل الكتب المطبوعة إلى الأدمغة .. فى مصر الأيدى العاملة متوافرة ، والمصريون يقدرون العلماء لكن المسئولين يرددون أن مصر دولة فقيرة ، لنقارن مع الهند ، ونرى ما تم إنجازه فى التكنولوجيا والفضاء رغم الفقر والجهل .. عندما زرت الهند استقبلنى الرئيس الهندى بالشورت والصندل وأخذنى إلى مكتبه ، تصورت أن أجده مليئا باللوحات والزهور والمقاعد الوفيرة ، لكننى وجدت الكتب فى كل مكان ، كأنه مكتب أستاذ جامعة ، تناول الرئيس كتابا من على أحد الأرفف ، وقال هذا ما أريد أن أهديه لك " الهند فى 2020 " ، إنه كتاب يوضح رؤية الهند لحل مشاكلها حتى هذا التاريخ ..
لقد أغلقنا فى مصر عقولنا أكتر وأكتر ودخلنا فى متاهات ، علينا أن نعيد التفكير فيما يحدث فى التعليم ، لأنه قضية أمن قومى "






الملف الزراعى لمصر فى عهد مبارك



ترسخت فى أعماق الإنسان المصرى منذ القدم أن مصر بلد زراعى يقدم الطعام لمواطنيه بأسعار تتناسب مع دخلهم .. لكن عصر مبارك شهد – خاصة فى الفترة الأخيرة – مايشبه تسونامى من الجوع يضرب ببطون المصريين نتيجة فشل الحكومة فى وضع خطط تنموية تنهض بالأمن الغذائى ، وقد أوضحنا سابقا أن الغذاء والدواء والصحة يمثلون معا أحد أضلاع الأمن القومى فى أى بلد على وجه المعمورة ..
يجدر بنا إذن عرض الحقائق التالية والخاصة بملف الغذاء والزاعة فى مصر وذلك كما يلى :

* تعتبر جميع الدول الحريصة على مصالح شعوبها أن أهمية الفلاح تزيد عن أهمية الجيش ، فهو – أى الفلاح – يعتبر النقطة المحورية التى تنظم الحياة فى الدولة .. الجيوش لا تحارب إلا قليلا وكل عدة سنوات ، أما الشعوب فهى لا تتوقف عن تناول الطعام على مدار الساعة ..
نستطيع من هذه المقدمه أن نقف على مستوى الإهتمام والمساعدة التى يحصل عليها الفلاح فى تلك الدول الحريصة على مصالح شعوبها على ، والذى يصل إلى حد الدلال والتميز على بقية أفراد الشعب ..
تقدم تلك الدول القروض الميسرة للفلاح والبذور الجيدة ، ويحصل على العلاج الصحى له ولأسرته ، وتشترى منه المحاصيل بأسعار تشجيعية لفتح شهيته لإنتاج المزيد ، وتنشأ له النوادى الترفيهية وتستمع لأى شكوى تصدر منه وتعمل على حلها ..

أما فى مصر عموما وفى نظام مبارك بصورة خاصة فإن العكس تماما هو الذى يجرى وعلى عدة محاور :
- الفلاح يقف حافى القدمين فى برد الشتاء فجرا – بسبب فقره - يروى أرضه بمياه تضرب البلهاريسيا فى محتوياتها ، تنتشر الأمراض التى تسببت بها الحكومة فى جسده وخاصة فى كبده وكليتيه وعليه أن يموت صامتا وبلا علاج ..
- تشترى منه الحكومة طن القمح أقل بست مرات من الطن المستورد ، رغم جودة القمح المصرى ( 420 جنيها للطن المصرى فى مقابل 470 دولار للطن الأمريكى وهى أسعار عام 2008 ) ..
- تقدم له الحكومة البذور والسماد المتسرطنين ..

يدرك المخادع حسنى مبارك جيدا حجم الظلم الذى يتعرض له كل من الشعب الجائع والفلاح المصرى المعدم .. ليس مستغربا أن يقوم هذا الطاغية الفاسد بجولة فى النوبارية فى 22 أغسطس 2005 وقبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية ويطلق بتصريحات يعد فيها الشعب بزرع مليون فدان فى برنامجه الرئاسي للخمس سنوات القادمة ، كما يعد الفلاح بتقديم قرض ميسر من الحكومة بقيمة 100 ألف جنيها .. أما النتيجة على الأرض فيعرفها الجميع ..

يقول مركز الأرض لحقوق الإنسان حول الظلم الذى تعرض له الفلاح المصرى فى عهد مبارك ما نصه " أنه مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاح المصري وتزايد همومه ومشاكله ، وتنامي صور استغلاله وإهدار حياته وإنتاجه تحت شعارات المراوغة التى أطلقتها الحكومة مثل " تحرير الزراعة ، التكيف الهيكلي ، الارتباط بالسوق العالمي" وغيرها ، وكذا الحصار المضروب حوله بفعل حزمة السياسات الحكومية المستوردة ، فقد تحولت حياة الفلاح المصرى إلى خطر محدق وفقد الأمل فى المستقبل الذى ضاع بعد أن اغتالته العولمة المتوحشة " ..

* تحتل مصر فى عهد مبارك مراتب متقدمة جدا فى استيراد الغذاء على المستوى العالمى ، فهى الأولى عالميا فى استيراد القمح فى عام 2007 حيث تستورد 6.8 مليون طن وهو ما يمثل 60 % من الاستهلاك ، وهى رابع مستورد للذرة عالميا حيث استوردت 5 مليون طن وهو ما يمثل 50 % من الاستهلاك ، وتستورد 40 % من الزيوت ..
من سخريات القدر فى عصر مبارك أن تستورد مصر الزراعية أكثر من 80 % من الفول ويصبح طبق الفول فى عهده طعام الطبقتين المتوسطة والغنية بعد أن كان طعام الطبقتين الفقيرة والمعدمة فى عهد من سبقه ..

* تعرضت مصر فى صيف 2008 إلى أزمة غذائية حادة كادت أن تؤدى إلى ثورة الخبز ، وهو ما دفع مبارك إلى التسول على الدول العربية يستجدى الغذاء لحماية نظامه من السقوط ، وجدير بالذكر أن بعض دول الخليج قد استجابت لإستجداء مبارك ومنهم دولة الإمارات التى أمدت مصر بمليون طن قمح مجانا .. ويشعر المراقبون للوضع الغذائى المصرى أن أزمة 2008 قد أطلت برأسها هذه الأيام أيضا وقد تشهد الأسابيع القادمة أزمة نقص حاد فى الخبز قد تكون أشد من سابقتها بسبب وجود أزمة حادة فى الغاز ..

* يقول الخبير الإقتصادى أحمد النجار فى حديث لصحيفة الدستور المستقلة فى 15 مارس 2006 ما نصه " إن الحد الأدنى للأجور فى عام 1953 كان يشترى 50 كيلو من اللحم شهريا بينما الحد الأدنى للأجور فى عام 2006 يشترى 1.5 كيلو جرام من اللحم فقط " ..
وفى هذا الصدد يبين تقرير صادر فى مصر فى يونيه 2008 من المجالس القومية المتخصصة أن نصيب الفرد المصرى من البروتين الحيوانى قد انخفض إلى 15 جرام يوميا ، وصنف أعضاء شعبة الزراعة والرى بتلك المجالس مصر ضمن قائمة الدولة المحرومة من بروتين اللحوم الحمراء وأرجع التقرير ذلك إلى زيادة أسعار العلف ومستلزمات الإنتاج ، وحذر التقرير من خطورة ذلك فى بلد يصنف بالزراعى موضحا بأنه لا يليق بدولة مثل مصر ..
إن مبارك يدرك تماما أهمية سياسة " التجويع من أجل التركيع " كى ينفرد بالبلاد لتكون لنسله ، وقد تعلم ذلك من الإسرائيليين الذى تفوقوا فى استخدام تلك السياسة مع الفلسطينيين ..

* إذا كانت مصر هى أكبر مستورد للقمح فى العالم فإن نسبة كبير منه تسوء وتفسد نتيجة التخزين فى مصر ، النتيجة الطبيعية لذلك هى هدر كمية كبيرة من القمح وتسميم ما تبقى نتيجة نمو السوس الناتج من الرطوبة العالية وهو ما يؤدى إلى سرطنة القمح بسبب الإفرازات السامة للسوس ، هذا بالإضافة إلي استيراد بعض الشحنات غير الصالحة للاستهلاك الآدمي إما بسبب ارتفاع نسبة الأتربة والحصى أو وجود الحشائش أو اقتراب تاريخ انتهاء صلاحيته .. تختفى ظاهريا فى عمليات الطحن كل مشكلات القمح التى ذكرت ، لكن يبقى خطر السوس وإفرازاته السامة والتى أدت إلى سرطنة رغيف الخبز فى أمعاء المواطن الذى وثق فى حكومته ..
يضاف إلى ما سبق فإن - وكنتيجة لغياب الرقابة على الأسواق بسبب حالة الضياع السائدة بمصر – بعض التجار يلجئون لشراء القمح القديم التي أوشكت صلاحيته علي الانتهاء بسعر منخفض بغرض استخدامه علفاً للحيوانات لكنهم وبدلا من ذلك يسربونه للأسواق بعد طحنه بالدقيق السليم ..
كما يكشف د. محمود عمرو مدير المركز القومي للسموم أن الصوامع وشركات المطاحن تقوم بتعفير القمح بالمبيدات الحشرية للحفاظ عليه من نمو أي حشرات به، وتتجاهل غسله جيداً بالمياه قبل طحنه للتخلص من بقايا تلك المبيدات الحشرية ..

* كانت مصر قبل وصول مبارك إلى الحكم تمتلك قوة ناعمة جعلت الكثير من دول إفريقيا تنظر لها باحترام .. تضاءلت تلك النظرة فى عصر مبارك وشهدت تدهورا خطيرا فى السنوات الخمس الأخيرة .. إنعكس ذلك وبصورة مباشرة على حصة مصر من مياه النيل والتى تقدر سنويا بـ 55.5 مليار متر مكعب حيث قامت بعض دول الحوض ببناء سدود على النيل وهو ما سوف يزيد من أزمة نقص المياه فى مصر وقد يؤدى إلى حدوث مجاعة .. ولأن تلك الكمية المذكورة من حصة مصر المائية لم تعد كافية ، فقد لجأت حكومة مبارك إلى التوسع فى استهلاك مياه الصرف الصحى وهو ما أدى فى النهاية إلى زيادة التدهور فى صحة المواطن ..

* أطلق نظام مبارك العنان للمزارعين باستخدام وسائل كيماوية يتمكنون بها من حصاد المحاصيل – خاصة الفواكه – فى فترة زمنية قصيرة جدا وصل بعضها إلى ربع المدة الطبيعية .. النتيجة المتوقعة لكل ذلك إلى الارتفاع الشديد لأمراض متعددة وخبيثة أحرزت فيها مصر المراتب العالمية الأولى مثل الكبد بجميع أنواعه والفشل الكلوى ، وقد أوردنا بعض التفاصيل سابقا فى الملف الصحى ..

* كانت أبجديات الأمن القومى المصرى عند المواطن العادى صاحب مستوى ثقافى توقف عند المرحلة الإعدادية تفرض حتمية التعاون الإستراتيجي الزراعى مع السودان الذى يمتلك 200 مليون فدان من أراضيه صالحة للزراعة مع توافر المياه عنده والحدود المشتركة معنا ( مساحة مصر الزراعية الحالية هى 8.5 مليون فدان فقط ) ..
ليس من المستغرب إذن أن يستمع المصريون إلى ما أشيع منذ بداية عهد مبارك ومفاده أن أمريكا هددت مبارك بإزالته عن الحكم إذا أقدم على التعاون الزراعى مع السودان ..
- ألم تدمر أمريكا كل السدود الزارعية فى العراق لتركيع الشعب العراقى !..
- ألم تنشر وكالة الاستخبارات الأمريكية بعض الفيروسات فى حقول قصب السكر الكوبية - وهو عماد دخلها - لتدمير الاقتصاد الكوبى ..
- ألم يذكر المرحوم المستشار عبد الغفار محمد فى مقابلة مع صحيفة المصرى اليوم فى نوفمبر 2009 ( أجريت معه فى 2007 واشترط نشرها بعد وفاته ) أن وزير الداخلية الأسبق حسن أبو باشا قد أخبره أن إسرائيل أخبرت مصر بأنها لن تنسحب إلا بعد تنفيذ حكم الإعدام فى خالد الإسلامبولى ورفاقه ( قام ضباط أمن الدولة فى مساء يوم نشر المقابلة باعتقال ابن المستشار والتحفظ عليه ومصادرة المذكرات التى تركها المستشار عبد الغفار ) ! ..

لقد استجاب مبارك - صاحب كلمة حاضر يافندم للسادات عندما كان نائبا له - لتهديدات أمريكا بعدم التعاون الزراعى مع السودان كما استجاب من قبل لتهديد إسرائيل بعدم الإنسحاب إلا بعد إعدام قاتلى السادات .. الآن فقط وبعد أن خربت مالطة وبسبب الخوف من ثورة الجائعين التى قد تطيح به ، يذهب مبارك وبضوء أخضر من أمريكا لمحاولة التعاون الزراعى مع السودان ، والأرجح أن تكون أوغندا كما أخبر بذلك أمين أباظه وزير الزراعة فى 7 ديسمبر 2009 ..

* صرح د. أحمد الجوينى وزير التموين المصرى الأسبق والأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية فى مقابلة مع فضائية الجزيرة فى 19 مارس 2008 ، أن الدول العربية كانت قد اتفقت فى عام 1980 على برنامج للاكتفاء الغذائى فيما بينها يستمر العمل به لمدة عشرين عاما وبموجبه كانت ستتوقف جميعها فى عام 2000 عن استيراد الغذاء من الخارج ، يضيف أنه قد قدم إلى البرنامج 153 بحثا من صفوة خبراء الغذاء العرب بتكلفه 2 مليار دولار طوال تلك الفترة ، إلا أن القيادات العربية لم تعمل به ، علما أن أستاذ الاقتصاد الزراعى د. رياض عمارة صرح فى 9 يناير 2010 أن فاتورة استيراد الغذاء فى العالم العربى قد بلغت 30 مليار دولار سنويا ..

نذكر هنا أن وزارة الزراعة الأمريكية فى 29 فبراير 2008 قد حذرت الحكومة المصرية بأنها ستواجه مأزقا كبيرا بسبب قلة القمح فى عام 2016 ، والوضع الغذائى فى أغلب الدول العربية يشبه الحالة المصرية أو أسوأ منها ..
نذكر أيضا أن مبعوث الأمم المتحدة لشئون الغذاء جان زيجلر قد صرح فى 19 أبريل 2008 بأن ارتفاع أسعار الغذاء عالميا – الناتج عن زيادة الاستهلاك واستخدام الحبوب كوقود عضوى - سيؤدى إلى وقوع " مذابح جماعية صامتة " فى العديد من دول العالم ..

* تبين التقارير الدولية الصادرة من المراكز المتخصصة أن إيران قد حققت الاكتفاء الذاتى فى إنتاج القمح على الرغم أنها لا تتمتع بميزة النيل مثل مصر ، وتتساوى معها فى عدد السكان ، وتواجه تحديا دوليا خطيرا على المستوى العالمى ، ودخلت فى حرب ضروس ظالمة خطط لها العرب والأمريكيون لمدة ثمان سنوات ..
يبين ذلك وبوضوح أن القيادة السياسية فى أى دولة قادرة على تذليل الكثير من الصعاب الغير قابلة على الحل ، شرط توافر النزاهة والقرار الحر والحرص على مصالح البلاد العليا ، وهى شروط ثلاثة يفتقدها مبارك ..

* أصدر البنك الدولى فى 10 أبريل 2008 بيانا ذكر فيه أن مصر على رأس 33 دولة مهددة بأزمة غذائية حادة ومشاكل اجتماعية خطيرة مرشحة للاستمرار لفترات طويلة .



الملف الإجتماعى للمصريين فى عهد مبارك



أجرت المؤسسة الأمريكية المرموقة فى مجالات البحث " بينو" استطلاعا حول حالات رضا بعض الشعوب عن مستقبل حياتها وذلك فى الفترة 24 مايو حتى 11 يونية 2009 .. لقد جرى الاستطلاع فى 25 دولة فى قارات الدنيا ومنهم مصر وشارك فيه 26 ألف شخص وكان ضمنهم ألف مصرى ..

الصدمة الكبرى أن المصريين قد احتلوا المركز الأول فى قائمة الشعوب الغير راضية عن مستقبل حياتها ، بينما احتل الهنود المركز الأول فى قائمة الشعوب الراضية عن مستقبل حياتها ..



يستدعى هذا الاستطلاع الهام منا أن نحاول الوقوف على الأسباب التى جعلت المصريين يقفون فى طليعة شعوب العالم الغير راضية عن مستقبلها .. إن أخطر أسلحة الدمار الشامل بين الدول هو سلب الأمل من وجدان الشعب وترسيخ اليأس فى النفوس ..



سنفتح اليوم الملف الإجتماعى للمصريين فى عهد مبارك ، مدركين أنه مع الملفات الأخرى التى أفسدها النظام قد شاركت جميعها فى ترسيخ سياسة اليأس فى نفوس الشعب المصرى ، وقد مثل استطلاع مؤسسة " بينو " النتيجة المتوقعة لحكم مبارك ..



* عن المبادئ والقيم بين الناس فى عهد مبارك :

كانت مصر وحتى بداية عهده تتحلى بالكثير منها ، والآن تفشت بين الناس الأمراض السلوكية الناشئة عن الفقر وفقدان الهدف القومى ، وهى أمراض خبيثة لأنها لا ترى بالعين المجردة كونها كامنة فى النفوس ، مثل النصب والاحتيال والتحرش الجنسى والاغتصاب والمخدرات والبلطجة والدعارة والعنوسة ( 9 مليون حالة ) والزواج العرفى الذى تتعمد السلطة نشره بين أفراد الشعب وبخاصة شباب الجامعات لدفعهم بعيدا عن مواجهتها ، وانتشار المخدرات لإبعاد الشعب عن المطالبة بحقوقه ..

أما أم الجرائم والتى تنفرد مصر من دون دول العالم بها فهما - من وجهة نظرى - جريمتان : الأولى هى سرقة الأعضاء البشرية السليمة للمرضى وبخاصة الكبد والكلية أثناء علاجهم فى بعض المستشفيات والعيادات الخاصة وبيعها للراغبين ، والثانية هى سرقة رؤوس الموتى من المقابر لبيعها إلى مدمنى المخدرات والذين يقومون بطحنها مع المادة المخدرة ..



* عن الطلاق فى عهد مبارك :

من الثابت أن نسبة الطلاق كان فى بداية عهده بحدود 3 % طبقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ، وقد وصل الرقم فى تقرير للجهاز المذكور صدر فى عام 2006 إلى 40 % نتج عنه 8 مليون طفل وكذلك 2.5 مليون مطلقة يعيشون حياة يسودها الاضطراب والقلق ، كما ذكر التقرير أن 42 % من تلك الحالات تعود أسبابها إلى الفقر وعدم القدرة على الإنفاق على بيت الزوجية ..

نذكر فى هذا الصدد ما ذكره د. عبد السلام الشيخ رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة طنطا فى 5 نوفمبر 2008 ومفاده أن عام 2007 قد شهد 567 ألف حالة طلاق فى مقابل 48 ألف حالة زواج ( يتذكر المواطن المصرى الطاغية الفاسد عندما قال موجها حديثه للشعب وبلا حياء " أوكلكم منين ، بطلوا تخلفوا " ) ..



* عن القوة الناعمة لمصر فى عهد مبارك :

من الواضح للعيان التفسخ الذى أصابها .. لنأخذ ركنا هاما فيها وهو الفن ونناقشه ، يدلنى متخصص فى هذا المجال عن حالة واحدة للفن الرفيع فى عهد هذا الدكتاتور الفاسد ، أمام عشرات – وربما مئات – الحالات التى ترعرعت فى عهده والتى تسبب تلوثا سمعيا أو بصريا للمواطن فى الليل والنهار ..



غنى عن البيان إلتصاق الفن بالقيادة السياسية فى أى دولة من دول العالم ، لقد اجتمع بوش من مخرجى هوليود فى أعقاب ضربات سبتمبر 2001 وطالبهم بضرورة النزول إلى الشارع بأعمالهم ، كما يذكر المواطن المصرى الصلح الذى قاده الرئيس عبد الناصر بين عملاقين من عمالقة الفن المصرى الرفيع فى ستينات القرن الماضى وهما السيدة أم كلثوم الموسيقار عبد الوهاب ، وقد ظهرت نتائج هذا الصلح فى تحفة فنية وهى أنت عمرى ، كما يذكر فنانوا مصر المتخصصين التوبيخ الذى تلقاه رسام الكاريكاتير البهجورى من عبد الناصر شخصيا وفورا عندما رسم كاريكاتير لسيدة تخبأ رجلا فى دولاب الملابس عندما طرق زوجها باب الشقة ، وأخبره بأن نساء مصر لا يسلكون هذا المسلك ..



نأخذ بعض الأمثلة من ذيل قائمة الفن الرفيع قبل مجىء هذا الطاغية الفاسد : أوبريت الليلة الكبيرة ، يا حبيبى ياخويا ، الوطن الأكبر ، شباكنا ستايره حرير .. هى تحف فنية صغيرة إذا ما قورنت بالتحف الفنية الكبيرة فى صدر القائمة والتى ساهم الموسيقار رياض السنباطى بالكثير منها مثل مصر تتحدث عن نفسها وعلى باب مصر ..



الفن هو ترومتر المجتمع ، أى مجتمع .. يعلو فى إبداعه فى حاله وضوح الهدف القومى لدى القيادة السياسية والتى تتميز بعفة اللسان واليد فتنقله بدورها إلى الشعب ، ويهبط إلى الحضيض والضياع والإسفاف فى حالة فساد وطغيان تلك القيادة ..



لقد أغلق مبارك وزارتين من أخطر الوزرات فى مصر - وهما وزارة الأعلام ووزارة الثقافة - على شخصين من أسوأ مواطنى مصر ولمدة ربع قرن ، وقد ساهم كل منهما وبشكل أساسى فى هدم أسس الفن الرفيع فى مصر ..



- أما الأول فهو صفوت الشريف الذى تولى وزارة الإعلام ، فقد كان ضابطا برتبة مقدم فى المخابرات العامة فى ستينات القرن الماضى وكان اسمه الحركى " موافى " .. كان صفوت يتولى مع صلاح نصر الإيقاع بالنساء بتصويرهن فى أوضاع مخلة ومن ثم استغلالهم جنسيا ، وقد طرد من الخدمة فى أعقاب التحقيق معه فى قضية الآداب الكبرى فى أعقاب نكسة 1967 ..



كانت المغدورة تدين بالولاء لعبد الناصر الذى انقذها من براثن عصابة قذرة سيطرت على أجهزة الحكم وتسببت فى هزيمة نكراء ، إنها تشبه إلى حد بعيد فى ولائها اعتماد خورشيد التى فاجأت عبد الناصر بما كان يحدث لها ولمصر من خلفه ، وقد أوضح كتابها بجلاء ما كان يجرى من صراع فى مصر قبل النكسة ..



لقد سجلت المغدورة بصوتها فى هيئة الإذاعة البريطانية أثناء وجودها فى لندن مرثية صلاح جاهين " وقف الشريط " والتى كتبها فى رحيل عبد الناصر ، وقد أعادت فيها التأكيد على ولائها لأسد مصر الجريح ، الذى قتله أقرب مساعديه بالسم !!..



وقف الشريط فى وضع ثابت

دلوقتى نقدر نفحص المنظر

ما فيش ولاتفصيله غابت

وكل شىء بيقول وبيعبر

من غير كلام ولا صوت

أول ما ضغط الموت

على زر فى الملكوت

بخفة وبجبروت

فى يوم أغبر

وقف الشريط فى وضع ثابت



لكن الملاحظ أن " موافى " قد عاد لممارسة سلوكياته المنحطة فى النصف الأول من ثمانينات القرن الماضى وذلك بعد أن عينه مبارك وزيرا للإعلام .. الملاحظ أيضا أن ذلك كان مع نفس الضحية ، ثم تخلصوا منها فى لندن بعد أن تبين لهم أنها تكتب مذكراتها ووصلت فيها إلى الفصل الثالث..



لقد انتقمت بعض أجهزة المخابرات المصرية من مقتل ضحية لندن فقام بعض أفرادها الأبرار بنشر ملفات التحقيق التى أجرتها النيابة العامة فى ستينات القرن الماضى مع المدعو " موافى " على شبكة الإنترنت ..



( صرح الشاعر أحمد فؤاد نجم لفضائية لبنانية فى صيف 2006 أنه أجرى اتصالا تلفونيا مع المغدورة قبل ثلاثة أيام من اغتيالها وأكدت له عزمها على المضى قدما فى كشف الحقيقة بكتابة ما حدث لها وللكثير من نساء مصر ، وأضاف الشاعر نجم أنه حذر المغدورة من أن الصحفى المصرى الذى يصيغ لها المذكرات فى لندن يعمل لصالح صفوت الشريف وناشدها الشاعر نجم أن تتوخى الحذر ، لكنها قتلت بعد أيام واختفت الفصول الثلاثة من مذكراتها ..

التقيت مع الشاعر نجم فى منزله فى نفس العام المذكور وأخبرنى بإسم الصحفى وبأنه – أى نجم - سدد ديونا للمغدورة كانت مدينة بها للبقال المجاور لمنزلها فى حى الزمالك ، وأضاف بمعلومات أخرى سببت لى صدمة كبيرة ) ..



لقد قتلت الضحية ثلاث مرات فى ثلاثة عقود ، كانت الأولى فى 1964 عندما استغلها صفوت الشريف جسديا لصالح عدة جهات خارج وداخل مصر ، وكانت الثانية فى عامى 1983/ 1984 عندما أجبرها صفوت الشريف على تلبية رغبات سيد القصر ، أما الثالثة فكانت فى لندن بالإجهاز عليها قتلا بعد أن تأكدوا أنها بدأت بالفعل فى كتابة حقيقة الظلم الذى تعرضت له ..



لم تكن المغدورة وحدها ضمن قائمة سيد القصر ، كان هناك أخريات من الفنانات وكان بعضهن يحملن جنسيات غير مصرية .. تنقسم القائمة إلى ثلاثة أصناف ، هناك الصنف الذى استسلم لرغبات سيد القصر خوفا من قطع الأرزاق والتهديد بالحرق بماء النار ، وهناك الثانى الذى لجأ إلى الحجاب كحيلة للخروج من المأزق ، وهناك الثالث الذى قاوم غير عابىء بأذى جسدى أو بتلفيق التهم الباطلة لهن بالدعارة وكان منهن الفنانة ح . ت والفنانة و .ع ..



تنتمى المغدورة إلى الصنف الأول ، لكنها قررت أن تنتقم من سيد القصر – صاحب الرغبات الشاذة – بقول الحقيقة ، لم تكن تصدق أن حاميها حراميها ، كانت تظن أن سيد القصر ما زال هناك يصد عن مواطنيه الأذى إذا علم به ، كانت تظن أن سيد القصر لديه من القضايا ما يجعله لا ينظر إلى تلك التفاهات ..

صدمتها رغبات السيد الجديد للقصر ، حاولت أن تقاوم لكن ضعفها انتصر عليها ، ثم دخلت فى نوبات متواصلة من العناد والرفض .. صدر الأمر من سيد القصر بقطع رزقها ، قاومت .. صدر أمر آخر منه بالنفى خارج البلاد ، دام ذلك لأكثر من عقد من الزمان ووصلت فيه إلى مرحلة " تسولت " فيها طعام يومها .. قررت الإنتقام بكتابة ما فعله سيد القصر وصفوت الشريف ..

جاء قرار سيد القصر بضرورة الخلاص من صداعها ، ونفذه أحد أفراد الحماية الخاصة له ، وقد اتضح فى يوليو 2008 أنه متخصص فى تلك النوعيات من العمليات ، لكن " الشاطر " وقع فى عمليته الأخيرة والتى كانت فى دولة خليجية لأن شيوخ تلك الدولة أصروا على أن يأخذ القانون مجراه وإلا سحبوا جميع استثمارات دولتهم – البالغة 20 مليار دولار – من مصر ..



- أما الثانى فهو فاروق حسنى والذى يتولى وزارة الثقافة حتى هذه اللحظات ، وربما لا أضيف جديدا إذا تكلمت عن هذا " الشخص " لأن سيرته أصبحت محفوظة عن ظهر قلب حتى لتلاميذ المدارس ..



لقد اقتلع إذن نظام مبارك الإبداع من مصر ، ومعه اقتلع أشياء أخرى غالية كانت من معالم الإنسان المصرى على مر التاريخ ، كما تبين هذه الدراسة ..

كان هدف مبارك من وراء ذلك هو تحقيق سياسة الإشغال لدى الناس بنشر ثقافة التسطيح والسفه والدعارة والمخدرات بين أفراده ، كى يتركوا له البلاد يتصرف بها كما يشاء.. !



* عن الشباب فى عهد مبارك :

كان لدى الشباب فى بداية عهده بعض الثقة فى مستقبل مصر ، شيئا فشيئا أغلقت فرص العمل فى وجه شباب مصر باستثناء القادرين منهم فقط ومن لهم وسائط وذلك على النحو التالى :

- هناك الكليات العسكرية التى أصبح لها تعريفة محددة يدفعها المتقدم إلى جهة ما على صلة بشخصية ما بالدولة تقف وراء الستار ، وقد وجدت تلك التعريفة طريقها فى الكثير من وضائف الدولة ..

- هناك وزارات حصرت الوظائف فيها على أقارب العاملين بها فقط مثل وزارات الكهرباء والاتصالات والبترول والإذاعة والتليفزيون ( تابعة لوزارة الإعلام ) والسلك القضائى التابع للعدل ( شرط المناصرة للحزب الوطنى ) ..

- التزمت جميع وظائف الدولة باستبعاد كل من لهم فكر دينى ، خاصة لو ترجمه صاحبه إلى صورة علنية مثل إطلاق الحية ..



الكثير منا يذكر الشاب عبد الحميد شتا الذى كان أول دفعته فى الاقتصاد والعلوم السياسية وتقدم لامتحان وزارة الخارجية فى عام 2005 ورسب لأن المستوى الإجتماعى لأسرته لا يتناسب مع الوظيفة المعلنة فانتحر الشاب المسكين ، وما حدث لعبد الحميد حدث للشاب إسماعيل منصور الذى كان أول دفعته فى كلية الحقوق واستبعدوه فى عام 2007 من السلك القضائى لأن والده فلاح وعينوا مكانه أبن أحد المستشارين الدائرين فى فلك الحزب الوطنى رغم حصوله على 65 % فى تقديره العام !! ..

كما تظاهر فى 14 ديسمبر 2008 أكثر من عشرين من أوئل الخريجين من دفعة 2006 من كليتى الشريعة والقانون فى جامعات الأزهر وعين شمس وبنى سويف وأسيوط أمام مبنى وزارة العدل وأعلنوا عن إضرابهم عن الطعام واعتصامهم بسبب رفض وزير العدل للمرة الثانية فى أسبوع واحد اللقاء بهم ، خرج مساعد وزير العدل المستشار أسامة عطية وقال لهم " أعملكم إيه ؟ ، وأنا مالى ! " ..



لقد ضرب نظام مبارك - بغلقه الوظائف على القادرين والمناصرين له فقط - أسس المواطنة فى الصميم ، وهو ما دفع شباب مصر إلى الهرب منها فى قوارب الموت بعد أن تأكد لهم أن مصر قد نُهبت ، وكثيرا ما تعثر السلطات الليبية على جثث عائمة لمصريين غرقوا فى البحر بعد أن باعوا الغالى والثمين واستدانوا من أجل الهروب من مصر ..



لكننا نعتقد أن أم المصائب فى هذا الشأن تكمن فى توجه الكثير من شباب مصر إلى إسرائيل عن طريق دولة وسيطة ، ففى عام 2000 أصدرت وزيرة الشئون الاجتماعية أمينة الجندى بيانا ذكرت فيه أن عدد المصريين المتواجدين فى إسرائيل قد وصل إلى سبعة عشر ألف مصرى ، وفى ديسمبر 2007 كانت استجوابات مجلس الشعب تتحدث عن تواجود 22 ألف مصرى فى إسرائيل ، علما أن الكثير منهم تزوج من إسرائيليات ويعمل فى صفوف الجيش الإسرائيلى وأجهزته الإستخبارية ..

وقد أكد تقرير للبنك الدولى صادر فى 1 أغسطس 2008 أن إسرائيل تقع ضمن قائمة أكبر عشر دول يهاجر إليه المصريون !! ( إجمالى العاملين المصريين فى الخارج طبقا لإحصاء 2005 يبلغ 2.4 مليون ) ..



الملفت للنظر أن إسرائيل تقدم كل العون إلى المصريين المتجهين إليها دون غيرهم من الجنسيات ، فمن نسلهم ستكون هناك قوات مسلحة تحمى حدودها مع العرب .. إن انتشار البدو والدروز فى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية – خاصة فى الاستخبارات والقوات الخاصة - يؤكد ذلك السيناريو ..

لعل القارئ يتذكر أن قوات المستعربين التى تصطاد المقاومين الفلسطينيين كلها عربية فى المظهر واللغة ، وقد عانت مصر منهم كثيرا أثناء فترة الاستنزاف حيث كانوا يهبطون بالهليوكيبتر وراء خطوطنا ويصنعون نقاط تفتيش مزيفة للشرطة العسكرية المصرية ويقومون بأسر القادة الميدانيين ونقلهم إلى إسرائيل ..



إن الإبقاء على جهاز الإعلام – وهو جهاز خطير بسبب دخوله إجباريا كل المنازل - فى يد ضابط مخابرات ساقط أخلاقيا مثل صفوت الشريف ولمدة ربع قرن قد هدم الكثير من الأسس الأخلاقية التى كان يتميز بها الشعب المصرى ، أنه أشبه بإجبار المصلين فى مسجد ما بالصلاة وراء رجل يرتكب الفواحش ..



إننا هنا نضع أمام القارئ ثلاثة أبحاث من مراكز متخصصة تبين مستوى التفكك الذى وصلت إليه الأسرة المصرية والذى يقف جهاز الإعلام فى المقام الأول وبتخطيط مسبق من ورائه :



البحث الأول : ويتحدث عن أثر الإعلام الهابط على تدمير القيم بالمجتمع المصرى :

صدرت دراسة عن مركز المرأة فى أبريل 2006 حول أثر الأفلام والمسلسلات التليفزيونية على التفكك الأسرى ، فقد بينت تلك الدراسة أن 48 مسلسلا تليفزيونيا و 15 فيلما يقفون وراء 33.5 % من حالات الخيانة الزوجية ، كما أقر 43 % من أفراد عينة البحث أن المشاهد العاطفية الغير مشروعة كانت الدافع الأساسى للوقوع فى المحظور ، وأشار 89.3 % من أفراد عينة البحث أن الأفلام والمسلسلات تحرض الزوجات على التمرد ..



وفى دراسة للدكتورة عزة كريمة – الرئيس السابق للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية – صدرت فى أغسطس 2008 أكدت أن فتيات الكليبات والفضائيات يقفن وراء 70 ألف حالة طلاق سنويا فى مصر بسبب دفع الأزواج إلى الهروب إلى فتاة الإعلانات للبحث عن نوع جديد من المتعة الجنسية وهو ما يدفع الزوجة إلى الشعور بالظلم والإهانة والتقدم فى النهاية بطلب الطلاق أو الخلع .. كما تؤكد د. عزة فى بحثها أن الآثار الاجتماعية المدمرة لفتيات الكليبات والإعلانات لم تقتصر فقط على المجتمع المصرى بل امتدت إلى البلاد العربية الأخرى ..

كما وصلت جرائم الاغتصاب بمصر إلى أرقام لم يكن يتصورها أسوأ المتشائمين ، فأرقام وزارة الداخلية التى نشرتها شبكة الأنباء الإنسانية " إيرين " فى فبراير 2008 تشير إلى 20 ألف حالة فى عام 2007 ..

أما المتخصصون المستقلون فإنهم يؤكدون أن الأرقام الحقيقية تزيد عدة مرات عن الرقم المذكور ويرجعون ذلك إلى سببين ، الأول هو عدم صدقية أرقام وزارة الداخلية لأن وظيفتها الأولى هى حماية النظام وإخفاء عوراته ، أما الثانى فهو خوف الضحية من الإبلاغ إما بسبب العار التى سيلازمها وإما بسبب الخوف على حياتها من أقاربها ..



لقد أوضح استجواب فى 19 فبراير 2008 من ثلاثة من نواب مجلس الشعب – محسن راضى وعلى لبن وعبد الوهاب الديب - إلى وزير التعليم هانى هلال تزايد حالات الزواج العرفى بين الطلبة والطالبات والتى وصلت إلى 255 ألف حالة نتج عنها 14 ألف طفل مجهول النسب ..

وقد أشار النواب المذكورون إلى ما كشفه التقرير الحكومى الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء من أن حالات الزواج العرفى فى مصر قد وصلت إلى 3 ملايين حالة ، كما أكدوا أن عدم التزام إدارات الجامعات بالقيم والتقاليد الجامعية تعد أحد أهم الأسباب وراء تفشى تلك الظاهرة ..



البحث الثانى : يتناول انتشار المخدرات بالمجتمع المصرى :

صدرت دراسة فى عام 2006 عن معهد التخطيط القومى بعنوان " الآثار الاقتصادية والاجتماعية للإنفاق على المخدرات" ، أوضحت أن المصريين أنفقوا على المخدرات فى العام 2005 ما قيمته 16.3 مليار جنيها وهو رقم يفوق بثلاثة أضعاف حجم الصادرات المصرية عن نفس الفترة ، كما يفوق دخل السياحة عن نفس الفترة ..



كما كشف بحث آخر فى 16 يوليو 2007 صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء يبين أن أرقام المخدرات فى مصر عن عام 2007 قد بلغت 18.2 مليار جنيه ، والقيمة المذكورة – كما وصف المصدر – تعادل 79.5% من دخل قناة السويس عن نفس العام ، وتعادل 46.9 % من تحويلات المصريين العاملين فى الخارج عن نفس العام ، وتعادل ثلث عائدات البترول عن نفس ، وتعادل 109 % من عائد الاستثمار عن نفس العام .. وقد قدرت مصادر أخرى حجم ما أنفقه المصريون على المخدرات فى عام 2007 بـ 29 مليار جنيه ..



كما أصدرت الأمم المتحدة فى 1 أكتوبر 2007 دراسة تؤكد أن أكثر من 6 مليون مصرى - 8.5 % من نسبة السكان – مدمنون على المخدرات .. لقد وصلت نسبة التعاطى – طبقا للمصدر المذكور - بين طالبات المدارس إلى 50 % وبين تلاميذ الإعدادى إلى 36 % ..



يعقب على دراسة الأمم المتحدة المذكورة عالم الإجتماع المعروف د. أحمد المجدوب فى لقاء مع فضائية الجزيرة فى تاريخ 4 أكتوبر 2007 بقوله " إن الحكومة المصرية هى المستفيدة الوحيدة من إنتشار تعاطى المخدرات بين أفراد الشعب لأنها تدفعه لذلك حتى يبتعد عن إبداء رأيه فيما يحدث فى مصر " ..

كما تعقب د. سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس على تلك النتائج فتقول " أن سبب تعاطى المخدرات عند الشباب يرجع إلى البطالة وحالة الإحباط العام المسيطرة على الجميع والتضييق الأمنى " ..



وتعكس أرقام دار الإفتاء المصرية عن حالات الإعدام فى عام 2009 المستوى الإجتماعى الذى وصل إليه المصريون فى عهد مبارك .. ففى 22 ديسمبر 2009 أصدرت دار الإفتاء المصرية إحصاءً لقضايا الإعدام التى عُرِضَت عليها فى العام 2009 ، وقد بلغ عددها 160 حكماً تم تنفيذه ، وتنوعت بين القتل والاغتصاب وجلب المخدرات ..



البحث الثالث : يتناول أعداد المنتحرين فى مصر كنتيجة للتفكك الأسرى وانتشار الفقر :

صدر بحث فى عام 2006 عن مركز السموم التابع لجامعة عين شمس ويذكر أن عدد المنتحرين قد وصل إلى 11 ألف حالة فى عام 2005 ، ويؤكد المركز المذكور بأنه ليس لديه إحصاء شامل على المستوى القومى لأعداد المنتحرين ..



وتقول أ.د عزة كريم فى حديث لصحيفة الفجر المستقلة الصادرة بتاريخ 21 ديسمبر 2009 أن الأجهزة الحكومية تخفي الأرقام الحقيقية لأعداد المنتحرين المسجلة في تقارير جهاز الأمن العام في وزارة الداخلية ، بينما لم تبحث المؤسسات والمراكز البحثية المتخصصة هذه الظاهرة ..

يكمن السبب وراء ذلك - حسب د.عزة كريم - أن أعداد المنتحرين قد ارتفعت بنسبة كبيرة جداً خلال السنوات القليلة الماضية ، وتؤكد د. عزة كريم أن المركز القومي للبحوث الجنائية المختص ببحث مثل هذه الظواهر لم يجر أي إحصاء حول أعداد المنتحرين ، ولم يبحث بالتالي أسباب هذه الظاهرة ولا توجد في خطته حتي الآن أي اتجاه لتناول هذا الأمر ..

المفاجأة التي تؤكدها عزة كريم فى عدد الصحيفة المذكور أن الأرقام الحقيقية لأعداد المنتحرين تعلمها أجهزة الأمن وبعض المؤسسات الأخرى المتخصصة ، لكنهم جميعا – والكلام ما زال لها - يتعاملون مع تلك الأرقام باعتبارها " سري جدا "..



ويتحدث أحمد حمدى أستاذ علم الاجتماع وفى نفس عدد الصحيفة المذكور عن ظاهرة الانتحار الجماعى التى انتشرت الآن فى مصر ويقول " إن الانتحار لم يعد أمراً فردياً ولكنه يتطور الي سلوك جماعي خلال السنوات القليلة الماضية التي ارتفعت فيها أعداد المنتحرين ، فهناك أباء لا ينتحرون بمفردهم ، ولكنهم يقتلون قبل شروعهم في الانتحار بقية أفراد الأسرة ، ربما لأن الأب يعلم جيدا أن هروبه بالموت لن يحل مشاكل الأسرة ولكن الموت هو الحل النهائي " ..

يضيف د. أحمد حمدى قائلا " إن مجموعة من طلبة كلية الخدمة الاجتماعية رصدت في بحث استقصائي حول حالات الانتحار الجماعي ، أنه من بين كل 10 حالات انتحار توجد حالتان علي الأقل للانتحار الجماعي ، حيث يفضل الأب الذي يرغب في الانتحار الموت مع زوجته وأبنائه فيقوم بقتلهم او حرقهم فجأة ، في حين توجد عائلات أخري قد انتحرت بالفعل بموافقة جميع أفرادها " ..



ملف حقوق الإنسان للمصريين فى عهد مبارك




لم يشهد تاريخ مصر الحديث قائدا يكرهه شعبه ويرفع أياديه إلى السماء بالدعاء عليه كما يفعل المصريون مع حسنى مبارك ، هو يعلم عنهم ذلك تمام العلم ..
فى المقابل هم يعلمون عنه أنه يحتقرهم ويهدر كرامتهم فى الشوارع والمعتقلات وينهب ويبدد ثروتهم ويزور أصواتهم فى الإنتخابات ويغير لصالح نسله دستورهم ويقدم التنازل بعد التنازل إلى الإسرائيليين كى يتوسطوا له عند الأمريكيين لتمرير التوريث لشعوره أن شعبه قد تحول إلى جثة هامدة ..

يعتبر ملف حقوق الإنسان أحد أشهر ملفات الانتهاكات التسعة فى نظام مبارك والتى نقدمها فى هذه الدراسة ، ربما بسبب ما يسبب من صدى دولى فى عصر تتابع فيه الفضائيات وشبكة النت ما يحدث على مدار الساعة ..

نستطيع أن نحدد انتهاكات حقوق الإنسان المصرى فى عهد مبارك فى محورين وهما : انتهاكات حقوق إنسان الدولة القديمة – انتهاكات حقوق إنسان الدولة الحديثة .. ونسوف نتناول كلا المحورين فيما يلى :

أولا : إنتهاك مبارك لحقوق الإنسان القديمة :

تواجدت تلك الحقوق فى الدولة القديمة حبث تكفل للإنسان الحد الأدنى من المعيشة ، مثل الحق فى الطعام المناسب – الحق فى المسكن المناسب – الحق فى العمل – الحق فى الزواج – الحق فى العلاج ..
وقد ذكرنا فى الحلقات السابقة ما يثبت أن مبارك قد أخل بواجباته – مع سبق الأصرار والتعمد من خلال فساده ونهب ثروات البلاد – فى القيام بتوفير تلك الحقوق ..

- مصر على شفى ثورة الجوعى بسبب ندرة الخبز ..
- ملايين المصريين يسكنون فى العشوائيات والمقابر لأن المسكن أصبح حلما غير قابل للتحقيق ..
- الشباب يغامر بحياته فى قوارب الموت أو بالذهاب إلى إسرائيل والعمل فى جيشها وأجهزة استخباراتها بسبب انعدام الوظائف للمواطن العادى وحصرها على من يدفع مبالغ فلكية أوأصحاب العلاقات ..
- يوجد 9 مليون عانس فى مصر بسبب عدم القدرة على الزواج مع 3 مليون مطلقة يتألمون فى صمت ويتكفلون 8 مليون طفل مصاب بأمراض نفسية ناتجة عن الطلاق ، مع حزمة كبيرة من المشاكل بسبب عدم القدرة على الزوج ومنها جرائم الإغتصاب والمخدرات ..
- لا يوجد دولة فى العالم نشرت الأوبئة بين المواطنين وترفض علاجهم إلا فى مصر ، وقد احتل المواطن فى مصر – كنتيجة لإهمال القيادة السياسية فى صحته – المراتب الأولى عالميا فى عدة أمراض خطيرة مثل الفشل الكلوى وسرطان الكبد والضغط ..

ثانيا : انتهاك مبارك لحقوق الإنسان الحديثة :

تدور حقوق الإنسان فى الدولة الحديثة – بصفة عامة – حول حقه فى اختيار من يمثله .. وكما ضرب مبارك عرض الحائط فى حقوق الإنسان القديمة بهدف إشغاله ، نراه هنا وبصورة لا مثيل لها فى تاريخ مصر الحديث يضرب حقوق الإنسان الحديثة بهدف دفعه إلى اليأس والإستسلام وفرض الأمر الواقع عليه..

لجأ مبارك هنا إلى فتح عدة جبهات على المواطن المصرى كى يضمن من خلالها وجود الكرسى تحت سيطرته ، ثم اتجهت أطماعه إلى توريث المنصب إلى أسرته بعد أن ظن أن الشعب - المطحون فى سد حاجاته الأساسية – قد تحول إلى جثة هامدة ..

اعتمد مبارك فى دفع المواطن بعيدا عن الصندوق الإنتخابى على فتح سبع جبهات كى يستنزف من خلالها طاقاته فى المقاومة ، نستطيع أن تفصلها فيما يلى :

1- فرض قانون الطوارئ :

فرض مبارك قانون الطوارىء منذ اليوم الأول لاعتلائه سدة الحكم ونكث بوعده فى إلغائه فى الشهور التالية .. وقد أعطى قانون الطوارئ لحسنى مبارك سلطات واسعة ، ولا نبالغ حين نقول أنها وضعته قريبا من مرتبة الإله ، وذلك كما يلى :
- لرئيس الجمهورية الحق فى وضع قيود على حرية الأشخاص فى الإجتماع والتنقل والمرور فى أوقات وأماكن معينة والقبض على المشتبه فيهم والخطرين على الأمن والتفتيش للأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام الإجراءات القانونية ..
- له الحق فى مراقبة الصحف والمطبوعات وكافة وسائل التعبير ومصادرتها وتعطيل وإغلاق أماكن طبعها ..
- له الحق فى تحديد مواعيد فتح وإغلاق المحلات العامة وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها وله الحق فى توسيع دائرة الحقوق فى هذا الشأن ..
- له الحق فى تكليف أى شخص بتأدية عمل من الأعمال وله الحق فى الإستيلاء على أى منقول أو عقار ..
ـ له الحق فى إجلاء بعض المناطق أو عزلها وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ..
- له الحق فى تعيين محاكم أمن الدولة ولا يجوز الطعن بأى حال فى الأحكام الصادرة فى تلك المحاكم ..

ترجم حسنى مبارك السلطات الواسعة لقانون الطوارئ بصورة مبالغ فيها وأطلق العنان لضباط الشرطة للفتك بالمواطنين ، وقد وضعت الكثير من منظمات حقوق الإنسان العالمية النظام المصرى كأحد أشهر الأنظمة الدكتاتورية فى التعذيب والقتل ..

ولأن الفساد هو الوجه الآخر للطغيان ، فقد وضعت منظمة الشفافية الدولية النظام المصرى فى تقرير عام 2009 فى مراتب متدنية على سلم الشفافية حيث احتل المرتبة 111 من إجمالي 180 دولة والتى أسوأها الصومال فى المرتبة الأخيرة ، وقد بينا فى الحلقات الماضية – قدر إمكاناتنا – ما نهبه مبارك وعائلته وحاشيته من مقدرات مصر ..

كما استخدم حسنى مبارك قانون الطوارىء فى حظر التجمعات السلمية والتى لا يصرح بها إلا فى أضيق الحدود وفقط إذا علم أنها تحسن صورة النظام الحاكم عند الغرب ولا تمثل تهديدا للنظام .. النظام يرحب بتواجد عشرات الألوف حول مطار القاهرة لاستقبال الفريق القومى لكرة القدم ، لكنه يهدد للمواطنين بالقبض عليهم عندما ذهبوا إلى نفس المطار لاستقبال د. البرادعى ..

وتعتبر المحاكم العسكرية أحد الملاذات الآمنة التى يلجأ إليها حسنى مبارك للتخلص من خصومه السياسيين ، ونخص بذلك أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ..
فكثيرا ما تبرأ المحاكم المدنية أعضاء الإخوان المسلمين من التهم التى يلفقها مبارك لهم ، هنا يلجأ مبارك إلى المحاكم العسكرية التى يرأسها هو أو من ينوب عنه – كوزير الدفاع - والتى لاتعترف بالاستئناف .. لقد شهدت مصر فى الفترة 1992 / 2008 إحالة أكثر من 50 قضية مدنية إلى المحاكم العسكرية ضمت عدة آلاف خصوم مبارك السياسيين ، وشهدت الفترة 2001 / 2008 إحالة 21 قضية إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ضمت الكثير من المواطنين الذين سُلبوا الحق فى المثول أمام قاضيهم الطبيعى ..

وفيما يخص حرية التعبير ، فقد توسع حسنى مبارك فى الزج بالصحفيين الذين يتصدون لقضايا الفساد والطغيان إلى المعتقلات .. شهد عام 2000 عدداً من من قضايا النشر بلغ 16 قضية ، وفى عام 2001 كان العدد 10 قضايا ، وفى عام 2002 كان 12 قضية ، وفى عام 2003 كان 13 قضية ، وفى عام 2004 كان 9 قضايا ..
لم يتوقف الأمر عند حد تلفيق التهم للصحفيين فى المحاكم المختلفة ، بل تعداه إلى الاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم ، ولعل حادثة مقتل الصحفى رضا هلال الذى اختطف فى عام 2003 ولم يظهر حتى الآن وحادثة محاولة قتل الصحفى عبد الحليم قنديل فى عام 2004 باختطافه فى جوف الليل وتركه عاريا فى قلب الصحراء تعتبران الأشهر فى هذا الشأن ..

2-: حظر إنشاء أحزاب سياسية منافسة :

بدأت مسيرة النظام مع الأحزاب فى عام 1976 بإنشاء المنابر ثم صدر قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتشكلت بموجبه لجنة الأحزاب التى أُعطيت الحق فى قبول أورفض أى حزب ..
تكونت لجنة الأحزاب من سبعة أعضاء وهم : رئيس مجلس الشورى ووزراء العدل والداخلية والدولة لشئون مجلس الشعب وثلاثة أعضاء من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين غير المنتمين لأى حزب سياسى ..

يذكر د. محمود جامع ( طبيب السادات الخاص وجليسه منذ الطفولة ) فى مذكراته – عرفت السادات – أنه سأل السادات عندما أصدر قراره بتكوين الأحزاب " سيادة الرئيس ، هل تريد أحزابا حقيقية أم تريد مجرد ديكورات ؟ " .. يضيف د. جامع أن السادات نظر له ثم ضحك ضحكة عريضة ، وهو ما فسره د. جامع بأن السادات كان لايريد أكثر من ديكورات لتلميع نظامه السياسى ..

سار حسنى مبارك على درب السادات وتدرب جيدا فى مدرسته ، ثم أظهر فنونه فى الطغيان والفساد بعد أن انفرد بمصر التى أصبحت رهينة بين يديه ، يمكن إذن تلخيص مسيرة النظام مع الأحزاب كما يلى :
- وافق نظام السادات من خلال لجنة الأحزاب على تأسيس ستة أحزاب وهم : الوطنى الديمقراطى والأحرار والعمل والتجمع والأمة والوفد ..
- وافق نظام مبارك من خلال لجنة الأحزاب على إنشاء ثلاثة أحزاب وهم : الوفاق - الغد - الدستورى الإجتماعى ( هناك بالطبع العديد من الأحزاب الأخرى الهيكلية والتى أنشأتها الأجهزة الأمنية ، ونفضل عدم ذكرها لعدم أهميتها ) ..
- رفض نظام مبارك من خلال لجنة الموافقة على إنشاء 11 حزبا سياسيا وهم أقر القضاة قيام 11 حزبا وهم : الناصرى - الخضر - التكافل - الإتحادى الديمقراطى - العدالة الإجتماعية - مصر الفتاة - الشعب - الجيل - مصر 2000 - شباب مصر .. ورغم أن القضاء قد أقر فى مطلع يناير 2007 بأحقية تلك الأحزاب فى ممارسة العمل السياسى ، لكن لجنة أحزاب النظام رفضت مرة أخرى فى 6 يناير 2007 ..

من الطبيعى – وتشكيل اللجنة بهذه الصورة السابقة الذكر – أن يكون جميع أعضاء هذه اللجنة من الحزب الوطنى ، إذن نستطيع القول أن القانون المذكور الذى أنشأ لجنة الأحزاب قد ساهم فى شل الحياة السياسية فى مصر ( راجع الحلقة الماضية للتعرف على تاريخ ضابط المخابرات صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى الحالى ورئيس لجنة الأحزاب )

3- قيود على الجمعيات الأهلية – وأهمها جمعيات حقوق الإنسان – لدفعها إلى الصمت :

نظم القانون رقم 84 لسنة 2002 أعمال الجمعيات الأهلية بما يسمح للنظام من السيطرة على نشاطها ، وذلك من خلال سلسلة من القيود التالية :
- يحظر القاون المذكور على المنظمات غير الحكومية أن تتلقى أموالاً من الخارج دون موافقة وزارة الشئون الإجتماعية ..
- يشترط القانون المذكور موافقة الوزارة السابقة على المرشحين لعضوية مجالس إدارة تلك المنظمات غير الحكومية ..
- يعطى القانون المذكور الحق للوزارة السابقة فى حل أو تجميد أى منظمة غير حكومية أو حتى مصادرة ممتلكاتها وبدون أمر قضائى ..
- يشترط القانون المذكور حصول تلك الجمعيات الأهلية على الموافقة الأمنية كى تتمكن من مزاولة عملها ..

النتيجة على الأرض هى شلل عمل تلك المنظمات وتدجينها ، أو توجيه التهم إلى مجلس إدارتها إذا رفض تنفيذ أوامر ضباط أمن الدولة ، ولعل التهم الباطلة التى وجهت إلى د. سعد الدين براهيم – رئيس مركز ابن خلدون للبحاث الإجتماعية - ووضعه فى السجن عدة مرات هى خير دليل على ذلك ..

أما الجمعيات الأهلية التى تديرها سوزان مبارك مع ابنها المدلل المستكبر جمال مبارك ، فهى تتلقى عشرات الملايين من الدولارات كل عام دون أن يجرأ شخص من الأجهزة الرقابية العديدة أن يفتح فمه مطالبا بالدفاتر ، بينما يقف النظام متعسفا لأى مبلغ ولو ضئيل تتلقاه جمعيات حقوق الإنسان التى تدافع عن ضحايا الإنتهاكات التى يرتكبها مبارك وزمرته !! .

4- اختراق النقابات للحد من سيطرتها على الصندوق الإنتخابى :

لا تقل الإنتهاكات التى مورست على النقابات المهنية عن سابقتيْها ، فقد صدر بحقها القانون رقم 100 لسنة 1993 والذى أطلق عليه اسم " قانون ضمانات ديمقراطية النقابات المهنية " ، ثم عدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 ..
لقد عطل هذا القانون أعرق النقابات المهنية وجرد مجالس إدارتها من حقوقهم فى تحديد مواعيد الإنتخابات وسلب إختصاص اللجان الفنية مثل لجنة القيد فى جداول النقابات ..
نذكر فى هذا الصدد أن الانتخابات معطلة منذ 15 عاما فى نقابتى الأطباء والمهندسين ، كما أن ما جرى من تدخل أمنى ودور سلطان الجزرة بين أعضاء نقابتى الصحفيين والمحامين فى انتخاباتهما الأخيرة منذ شهرين لهو خير دليل على تلك الإنتهاكات ..

5- شل الحياة الجامعية :

أنفرد ضباط أمن الدولة بالجامعة المصرية فى عهد مبارك ، كما قامت قوات الأمن المركزى بالتواجد الدائم وبأعداد ضخمة وغير مبررة حول مداخلها لترهيب الطلبة .. لقد أصبح ضابط أمن الدولة من خلال تقاريره الأمنيه هو من يقرر ترقية أو نقل أو معاقبة أعضاء هيئة التدريس .. انتهت حرية الطالب فى اختيار من يرغب فى انتخابات الجامعة بعد أن يأس النظام الحاكم من فوز التيار الإسلامى فى تلك الإنتخابات ، كما سيطر النظام أيضا على انتخابات هيئات التدريس بالجامعات ، وإن كان بصورة أخف من مثيلتها الطلابية .. قامت النظام السياسى بتشجيع الإنحلال الأخلاقى – خاصة الزواج العربى - داخل أسوار الجامعة لدفع الطلبة بعيدا عن المطالبة بالحقوق السياسية ..

6- العبث بمواد الدستور لمصلحة مبارك ونسله :

يعتبر تغيير مواد الدستور خطا أحمر أمام كل طاغية فاسد ، يستطيع أى طاغية أن يتحايل ويزور ، لكن العبث بمواد الدستور لصالحه يعتبر من المحرمات ..
لم يجرأ مبارك طوال فترة ربع قرن من حكمه على الإقتراب من الدستور ، فعل الكثير من التجاوزات وبقى الدستور فى مكانه .. لكنه أطلق رصاصة الرحمه على الذبيحة مصر فى 2007 كى يلامس بفجره وفحشه سقف المحرمات ، استعدادا لقدوم ابنه ليجلس بالمنصب الرئاسى .. لقد عبث بمواد الدستور ووضع فيها – بمساعدة زمرته الفاسدة من القانونيين - كل العراقيل التى يستحيل على أى مرشح من غير الحزب الوطنى أن يتجاوزها .. نستطيع أن نحدد تلك العراقيل في النقاط التالية :

* اشترطت المادة 76 - المعدلة فى 26 مارس 2007 - حصول المتنافس لرئاسة الجمهورية على موافقة 250 عضوا من أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس المحلية ، وهو شرط يستحيل تحقيقه لأى متنافس من غير الحزب الوطنى ..
( تدخلت القوة الأمنية فى انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر / ديسمبر 2005 وحصرت عدد المعارضين للحزب الوطنى بـ 88 عضوا من إجمالى 444 عضو .. وتدخلت أيضا فى انتخابات مجلس الشورى فى يونيو 2007 وسمحت بوصول عضو واحد فقط – من حزب التجمع – من إجمالى أعضاء المجلس البالغ عددهم 88 عضوا .. كما تدخلت أيضا فى انتخابات المحليات بالمحافظات التى جرت فى أبريل 2008 ولم تسمح بنجاح أى معارض فى المجالس المذكورة والبالغ عدد أعضائها 52 ألف عضوا فى مختلف المحافظات وألقت القبض على الكثير من مرشحى المعارضة قبل الإنتخابات )..

* أنشأت المادة 76 ما يسمى بـ " لجنة الإنتخابات الرئاسية " واشترطت على كل متقدم لتلك الإنتخابات الحصول على موافقة أعضائها .. تتكون تلك اللجنة من عشرة أعضاء ، رئيسها هو رئيس المحكمة الدستورية العليا ( الذى يعينه الرئيس ) وأعضاؤها يتم ترشيحهم من مكتب رئيسى مجلسى الشعب والشورى ( التابعين للحزب الوطنى من خلال القوة الأمنية كما أوضحنا ) ..

ولأن مستشارى المحكمة الدستورية العليا يعلمون حيل وألاعيب مبارك ، فقد قاموا فى يونيه 2009 بتقديم رجاء إليه بأن يكون رئيس المحكمة الدستورية الجديد والقادم فى 1 يوليو من أحد أعضائها البالغين 16 عضوا ..
الأعراف القضائية كانت على الأقل تصب فى هذا الإتجاه وكان مبارك – المستعد لما هو قادم من توريث - قد ضرب بها عرض الحائط قبل ذلك مرتين ، الأولى عندما عين المستشار ممدوح مرعى فى 2003 لرئاسة المحكمة الدستورية العليا رغم أنه لم يجلس يوماً علي كرسي مستشاريها ، ثم عينه وزيراً للعدل فى 2006 حيث يمارس مهامه الآن كأحد أشد الوزراء المؤيدين للتوريث ، وعين خلفاً له فى 2006 النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ولم يكن له أي تاريخ في المحكمة الدستورية العليا ..

خالف مبارك أيضا فى المرة الثالثة الأعراف القضائية بما عرف عنه من عناد تكسوه طبقة كثيفة من الغباء وعدم الرؤية ، فقد عين فى 1 يوليو 2009 المستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية العليا ، المستشار المذكور كان رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة ولم يعمل ولو ليوم واحد فى المحكمة الدستورية العليا بل كان رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة وبعيدا كل البعد عن هذا التخصص الجديد .. إن نظرة واحدة فى ملف هذا الرجل تقول أنه كان القاضى الذى أصدر قرار إغلاق نقابة المهندسين منذ 15 عاما ..

إذن يستطيع القارىء وبسهوله أن يستنتج أن لجنة الإنتخابات الرئاسية التى أنشأها مبارك فى المادة 76 - والتى يجب على المرشحين لرئاسة الجمهورية الحصول على موافقتها - ما هى إلا نسخة طبق الأصل من لجنة الأحزاب التى سبق الحديث عنها !!

يقول الفقيه الدستورى الكبير د. يحيى الجمل بشأن تعديلات المادة 76 فى حديثه لصحيفة الشروق المستقلة فى عددها الصادر فى 6 يناير 2010 ما يلى :
" أنا أطلقت عليها اسم الخطيئة الدستورية ، وقلت هذا الكلام فى مجلس الشعب، قلت لهم التاريخ هايحسبكم لأن من صاغ هذه الماده أهان مصر ، أهانه الله .. هذه المادة جاءت لتقول : لا أحد يستطيع أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية فى مصر إلا رئيس الحزب الوطنى أو من يختاره الحزب الوطنى ، أى تفسير آخر لهذه المادة هو نوع من العبث .. هذا شىء لا مثيل له فى العالم ، أنا عندى فى المكتبة كل دساتير العالم، لا توجد مادة بهذا الشكل .. المسألة ليست نصا أو بندا فى الدستور فقط ، وإنما هى الغاية من التشريع .. المشرع أراد تأكيد وتثبيت السلطة ، فى حين أن الأصل فى الدستور أن يقيد السلطة ويوسع مساحة الحرية .." ..
* أبقى مبارك على المادة 77 والتى تسمح ببقاء الرئيس في السلطة مدى الحياة ( دون تحديد سقف زمني لمدد الرئاسة بمدتين ، وهو التحديد الذي كان محل إجماع القوى الوطنية ورغم ذلك تجاهلته التعديلات الدستورية الأخيرة ) ، وبذلك يصبح انتقال السلطة لمن يلى مبارك تأبيدا وتوريثا..
* نزعت تعديلات مبارك فى الدستور وتحديدا فى المادة 88 من القضاة حقهم الطبيعى فى الإشراف القضائى على العملية الإنتخابية .. لقد اتخذ مبارك وزمرته من ترزية القوانين هذا القرار بعد الوقفة النبيلة التى وقفها قضاة مصر فى انتخابات عام 2005 والتى أكدوا فيها تزوير الإنتخابات فى الدوائر التى أشرفوا عليها ، بل أصدروا كتابا أسود ذكروا فيه أسماء القضاة الذين شاركوا مبارك هذا التزوير..
لمع منذ ذلك التاريخ أسماء من قضاة مصر الشرفاء مثل المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى قضاة مصر حينها والمستشار محمد الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادى قضاة الأسكندرية حينها والمستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض حينها والمستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض حينها وشقيقه المستشار أحمد مكى نائب رئيس محمكة النقض حينها ، ومعهم المئات من مستشارى مصر الأطهار حيث يضيق المكان بذكرهم ..
جميعهم فضحوا النظام على الفضائيات وسوف يذكر التاريخ وقفتهم البطولية بجانب شعبهم فى محنته داخل هذا النفق المظلم .. لقد ضاق النظام ذرعا بهم وأصدر قرارا بالمحاكمة التأديبية لبعضهم ، وضيقت الخناق على آخرين لدفهم إما للإستقالة أو للإعارة لدول الخليج..
( تدخلت أجهزة مبارك الأمنية من وراء الستار للحصول لبعضهم على عقود عمل بالخليج ، الظريف أن تلك العقود تدفقت على مستشار من قائمة الشرفاء لأنه أعلن عن نيته فى الترشح لرئاسة الجمهورية ، وقد قبل أحدها ) ..

7- حزمة انتهاكات الفرصة الأخيرة قبل الإنتخابات :

وهى سلسلة من الإجراءات التى يتخذها مبارك قبل وأثناء العملية الإنتخابية ويهدف بها فرض المزيد من السيطرة على العملية الإنتخابية .. هى أجراءات أصبحت على أية حال معروفة للمواطن المصرى بسيط الثقافة بسبب تكراراها الدائم فى كل انتخابات مبارك ، ونذكرها كما يلى :

- التعسف الذى تبديه وزارة الداخلية عندما يذهب المواطن إليها لطلب استخراج البطاقة الإنتخابية ..
- لعبة الجداول الإنتخابية وتتم بطريقتين : الأولى من خلال عدم حذف أسماء الأموات منها ومن ثم إضافتهم إلى مؤيدى الحزب الوطنى ، الثانية من خلال نزع أسماء المعروفين من المؤيدين للتيارات المنافسه – خاصة التيار الدينى بسبب ظهوره الواضح من خلال اللحية أو الحجاب - من جداول دوائراهم ووضعها فى دوائر إنتخابية بعيدة عنهم ودون إخبارهم حتى لا يتمكنون من الإنتخاب ..
- تدخل سلطان المال لشراء أصوات الشعب الذى ضربه الجوع ، ولعل القارىء يذكر نائب الحزب الوطنى الذى وقف فى الجولة الثانية من انتخابات 2005 وقال " أنفقت فى الجولة الأولى 25 مليون جنيها وسوف أنفق أكثر فى الجولتين الثانية والثالثة "
- استخدام قوات الأمن المركزى فى محاصرة الدوائر الإنتخابية ومنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم ، وقد وصل الأمر فى انتخابات 2005 إلى إطلاق الرصاص الحى على المواطنين وقتل العديد منهم ..
- استخدام أصحاب السوابق الإجرامية والذين يحملون السيوف والسلاسل الحديدية فى ترهيب المواطنين وإبعادهم عن الدوائر الإنتخابية حتى لا يختار الشعب - الناقم على القيادة السياسية – ممثليه ..
- تزوير الإنتخابات من خلال صناديق انتخابية جاهزة لهذا الغرض ..

تقارير المنظمات الحقوقية الدولية عن مبارك :

نختم هذه الحلقة ببعض ما أوردته المنظمات الدولية التى تراقب حالة حقوق الإنسان حول العالم ونذكر بعضها فيما يخص الحالة المصرية ، كما يلى :

- فى التقرير السنوى لمنظمة فريدوم هاوس عن عام 2006 وضعت المنظمة مصر ضمن ذيل قائمة تقريرها السنوى ، عللت المنظمة المذكورة ذلك بوجود أكثر من عشرين ألف سجين سياسى فى السجون المصرية موزعين على 51 سجن ومعتقل ، والكثير منها فى الصحراء ومضى على الكثير منهم ما يقرب من عقدين من الزمان دون الإفراج عنهم ، رغم حصولهم على قرارات إفراج من المحاكم وصلت فى بعض الحالات إلى مائة حكم مع إصرار وزارة داخلية النظام على عدم تنفيذ قرارات تلك المحاكم ..

- وضعت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية مصر فى المرتبة 133 فى حرية الصحافة من إجمالى 169 دولة فى الترتيب السنوى لحرية الصحافة والذى وضعته لعام 2006 ..

- فى 17 يناير 2007 أكدت المؤسسة السابقة فى تقرير لها عن حالة حقوق الإنسان فى العالم أن مصر شهدت إنتكاسة فى الحريات السياسية والعامة ، أضافت المؤسسة أن أهم أسباب الركود السياسى هى رفض النظم الحاكمة العربية توسيع نطاق المشاركة السياسية فى صنع القرار ، وصرح مدير مكتبها فى منطقة الشرق الأوسط - إريك بادينجتون - أن منطقة الشرق الأوسط هى الأكثر قمعا عالميا ..

- وضعت صحيفة الإيكونومست مصر فى المرتبة 115 من بين 167 دولة فيما يخص مؤشرات الديمقراطية فى تقرير العالم الذى أصدرته فى عام 2007 ..

- أصدر البرلمان الأوربى – 27 دولة أوربية - فى 16 يناير 2008 قرارا يدين فيه إنتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وهدد بقطع المساعدات فى حالة عدم توقف تلك الإنتهاكات ..

- فى تقريرها السنوى عن أوضاع حقوق الإنسان حول العالم أصدرت منظمة هيومان رايتس واتش تقريرها لعام 2007 فى 30 فبراير 2008 ، أدانت المنظمة فيه مصر بسبب تصعيدها الملاحقات السياسية لكل من المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى والصحفيين ..

- ذكرت منظمة العفو الدولية من مقرها فى لندن فى تقريرها الصادر فى 29 مايو 2008 أن التعديلات الدستورية التى قام بها نظام مبارك فى العام 2007 هى أخطر إنتكاسة لحقوق الإنسان فى مصر منذ فرض قانون الطوارىء ..

- فى دراسة أمريكية أجرتها جامعة واشنطن تحت عنوان " اعتقال المدونين وحرية التعبير على شبكة الإنترنت " ونشرت نتائجها صحيفة واشنطن بوست فى 19 يونيه 2008 أكدت الجامعة المذكورة أن مصر هى أسوأ دول العالم انتهاكا لحريات المدونين فى عام 2007 ( الأولى مصر باعتقال 14 مدونا ثم الصين باعتقال 12 مدونا ) وتوقعت الدراسة إزدياد عدد المعتقلين فى مصر فى عام 2008 ..

- أصدرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان فى 18 يونيه 2008 تقريرها السنوى حول حقوق الإنسان فى العالم ، عن مصر ذكرت أن عام 2007 هو عام التغيير الدستورى القمعى حيث جرى تعديل 34 من مواد الدستور ..

- فى تقريرها السنوى الصادر فى 12 يناير 2009 والذى يتناول أوضاع حقوق الإنسان حول العالم فى عام 2008 ، ذكرت منظمة فريدوم هاوس في أن مصر ليست " غير حرة " لإعتمادها على انتخابات غير ديمقراطية وأنها من بين الدول " الأكثر عنفا " فى التعامل مع أحزاب المعارضة والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة ..





الملف السياسى لمصر فى عهد مبارك




لا يمكن أن نفتح الملف السياسى لمصر فى عهد مبارك إلا من خلال الرجوع قليلا إلى الوراء ، كى تكتمل الصورة فى وضوحها ونكون فى أقرب مكان محاولين معرفة حقائق الأمور ، شرط أن نكون بعيدين عن التعصب ونتمسك بحيادية الباحث عن الحقيقة ..

الثابت أن قناة السويس ومنذ افتتاحها فى عام 1869 قد زادت وبدرجة كبيرة من أهمية مصر على المستوى الدولى ، ومعها زادت الدول الغربية من نشاطها للسيطرة عليها لضمان استمرار مصالحها ..

كما زادت أهمية مصر – كأكبر دولة عربية سكانا وأوقواها جيشا – بعد أن أنشأ الغرب الكيان الصهيونى فى موضع مفصلى فى الجسد العربى ، ومع نشوء هذا الكيان الغاصب زادت الدول الغربية من نشاطها للسيطرة على مصر لضمان أمنه ..أما سيطرة تلك القوى على مصر الملكية ، فمعروف لدى عامة المصريين ..

جاء عبد الناصر ومثل طموح المصريين فى الخروج من سيطرة الغرب ، بذل جهدا كبيرا فى محاولة استقلال القرار المصرى وأن يكون نابعا من مصر ولصالح شعبها .. توسعت فى الوقت نفسه مشاريع التنمية فى كل أنحاء مصر وعلى مختلف الأصعدة ..

مثل عبد الناصر عقبة كبرى أمام الدول الغربية فى طريق تحقيق هدفها بالسيطرة على مصر ، أسرعت تلك القوى من مجهوداتها فى سبيل إعادة مصر إلى حظيرتها وعملت فى تلك المرحلة على محورين :

المحور الأول : كان يمثل العمل من خارج الحدود المصرية وذلك على مرحلتين : المرحلة الأولى كانت بتشجيع إسرائيل على الاعتداء على مصر بهدف إشغالها فكريا واستنزافها ماديا ، والمرحلة الثانية كانت بوقف تمويل السد العالى بهدف تعطيل خطط تنموية ملحة ..

المحور الثانى : يتمثل فى اختراق الثورة من الداخل بتجنيد بعض عناصرها بغرض انقسامها وإسقاطها من الداخل ، كان هذا المحور يعمل فى ذات الوقت مع المحور الأول ..

كان الملفت للنظر أنه بينما فشل المحور الأول بمرحلتيْه فى إسقاط الثورة وأدى إلى نتائج عكسية تماما حيث زاد من تمسك الشعب بقيادته ، إلا أن المحور الثانى نجح نجاحا منقطع النظير فى إعادة مصر إلى أحضان الدول الكبرى ، وانتهت مرحلة استقلالية القرار المصرى بالرحيل الغامض لصاحبها فى عام 1970 ..

أرجو أن يعرف القارئ أننا لسنا هنا بصدد الدفاع عن الثورة ، الثابت أن الثورة قد ارتكبت عدة أخطاء فادحة تمثلت فى انتهاك حقوق الإنسان وتفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة ، خاصة فى قطاع القوات المسلحة ..

لقد أيقن عبد الناصر أن رجال الثورة لم يكونوا على قلب رجل واحد ، لكنه لم يدرك أن الثورة مخترقة من دول الشرق والغرب .. لقد تولى القطاع المدنى وترك - مضطرا ومجبرا – القطاعين الشرطى والعسكرى لرفاقه حتى لا ينقسم الجيش وتأكل الثورة أبناءها ..
الثابت أن رفاقه فى الثورة تخلوا عن مسؤولياتهم بشكل فاضح وتعرضنا للهزيمة العسكرية التى قسمت ظهر أبناء الأمة العربية وما زلنا نعانى منها من خلال احتلال كل من الضفة الغربية – بما فيها القدس - والجولان ونزع سلاح سيناء ..

أدرك عبد الناصر بعد أن أنهكه صراع القوى الكبرى أن البلد تحكمها عصابة من الفاسدين ، كان يردد فى عقده الأخير تلك العبارة أمام المقربين منه ( جمال حماد فى حلقات شاهد على العصر بقناة الجزيرة الفضائية ) .. صحيح أنه كان كثيرا ما يصل الليل بالنهار فى مكتبه يتابع البناء فى كل المواقع ، لكنه فى النهاية فرد واحد ومحاصر خارجيا وداخليا أمام قوى تزيد عنه فى العدد والعدة ..

حقق عبد الناصر فى القطاع المدنى الذى تولاه معدلات تنمية لم تصل إليها أى قيادة مصرية من بعده ، ورحل ومصر مدينة بمبلغ مليار ونصف المليار دولار فقط فى ديون أغلبها عسكرية ..

لقد قاوم عبد الناصر كل المحاولات فى ترويضه أو إفساده بغرض السيطرة عليه .. لم يكن يشرب ولم يكن زيرا للنساء ولم يكن يهوى نهب ثروات بلده ، هذه هى ثلاثية الإفساد التى يمتلكها الغرب ويبدع فى تجريبها مع كل قائد يلتف حوله شعبه ، فإذا رفض ارتكاب تلك المحرمات فإنهم يتحالفون جميعا لإسقاطه ..
كان يتمتع بجهاز مناعى من طبيعة خاصة لا يمتلكه إلا الثوار الحقيقيون ، وفشلت معه كل محاولات قوى الخارج ورجالهم فى الثورة المخترقة فى الوصول إليه من خلال تلك الثلاثية ..

تبقى فى جعبة الغرب سلاح واحد سريع الفاعلية ، وسقط عبد الناصر داخل عاصمته ، وجاء السادات الذى كان الرجل الخفى للغرب داخل الثورة المصرية ..
( صرح الصحفى الأمريكى الأكثر شهرة بوب وودورد فى 25 نوفمبر 1977 فى صحيفى الواشنطن بوست أن السادات كان يعمل لصالح المخابرات المركزية الأمريكية الـ C.I.A منذ منتصف الستينات ، وقد أعلن الصحفى المذكور أكثر من مرة أن الرئيس الأمريكى آنذاك جيمى كارتر قد ألح عليه لعدم نشر ذلك لما قد يتسبب من تعريض المصالح الأمريكية للخطر ، لكنه أصر الصحفى على النشر ) ..

لقد كان أعداء جمال عبد الناصر موجودون خارج حدود مصر ممثلين فى أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية .. كانت خطتهم واضحة وهى الخلاص منه ، لم يكن ليتركوه ليحقق تضامن عربى وطفرات اقتصادية واجتماعية ..

وبينما كان السادات ومن بعده مبارك مرحب بهما خارج حدود مصر - وعلى الأخص فى دول تلك الأجهزة الأمنية السابق ذكرها - فإن عدوهما كان داخل مصر ، كان الشعب المصرى نفسه ..
لقد تحقق لتلك الدول الأربع المذكورة ما أرادوه ورحل جمال عبد الناصر من داخل عاصمته بعد أن فشلوا فى إسقاطه عبر الحدود ، وما زالت كيفية رحيله تلقى بأسئلة لا تنتهى ( راجع الحلقة الرابعة من سلسلة " حرب أكتوبر وضرورة لجان التحقيق المستقلة " لكاتب المقال ) ..

نستطيع تقييم دور مصر السياسى فى المنطقة فى ملفين :
الملف الأول : دور مصر الشرق أوسطى .. يحتوى هذا الملف على مسارين وهما العمل العربى المتمثل فى التضامن العربى ، والصراع مع إسرائيل المتمثل فى قضية فلسطين ، والتى هى لب الصراع ..

الملف الثانى : دور مصر الأفريقى .. ويحتوى هذا الملف على مسارين أيضا وهما المسار السياسى مع الدول الأفريقية ككل والمسار المائى مع دول حوض النيل ..

يستطيع إذن القارىء وبسهولة أن يقوم بتقييم عمل كل رئيس جاء لمصر بعد الثورة من خلال أدائه فى هذين الملفين ذات المسارات الأربعة ، ليعرف فشل أو نجاح أى رئيس مصرى فى عمله :

* تقييم أداء عبد الناصر :
- أدرك عبد الناصر ومنذ سنوات الثورة الأولى أن قوة العرب فى تضامنهم فأطلق شعار القومية العربية .. احتضنت الجماهير العربية هذا الشعار من الخليج إلى المحيط .. تنبهت القوى الغربية إلى خطورة هذا الشعار على مصالحها والتى هى عبارة عن استغلال موارد المنطقة من خلال العروش الموالية لها ، وبقاء إسرائيل ..

إن فكرة القومية العربية ما زالت هى الأمل الأقرب إلى التنفيذ فى قلوب الملايين العربية .. هناك القومية الأوربية التى تحققت من خلال السوق الأوربية المشتركة وضمت 27 دولة مختلفة فى الدين واللغة وحققت لشعوبها الرخاء ..

تذكرنى دائما السوق الأوربية المشتركة بحديث رسول الله ( ص . ع ) فى صحيح مسلم : مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..
إن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها اليونان هذه الأيام وتكاتف كل دول السوق لحلها لهى أكبر دليل على تعاطف تلك الدول فيما بينها لحل مشكلاتها وتحقيق الرخاء لشعوبها ..أما نحن فرغم وحدة الدين واللغة والأهداف ، إلا أن الأمر يشبه إلى حد بعيد بسجن كبير يقوده مجموعة من الطغاة والفاسدين ..

- أما بالنسبة لقضية الصراع العربى الإسرائيلى فى عهد عبد الناصر ، فالمتتبع لخط الصراع يتبين له أن إسرائيل كانت تهرول وراء العرب من أجل إنهائه لثقتها أن التضامن العربى يهدد وجودها .. مازال شيمون بيريز على قيد الحياة ، هو الذى صرح أكثر من مرة بأن إسرائيل عرضت على عبد الناصر " أربع أو خمس مرات " الإنسحاب الكامل من سيناء نظير " هدنة " مع مصر ، وقد رفض عبد الناصر هذا العرض لأنه كان على ثقة بأنه سيدمر التضامن العربة لو قبل به ، وهو ماكانت ترمى إليه إسرائيل كى يتسنى لها الإستيلاء على فلسطين ..

- وفيما يخص بالمسار السياسى لمصر المتمثل فى عمقها الإفريقى فى عهد عبد الناصر فهو ملف مضىء ومشرف بكل المقاييس .. مصر ساعدت الكثير من الدول الإفريقية على التحرر من الإستعمار وكان عبد الناصر زعيم إفريقيا بلا منافس ..

- أما المسار المائى لمصر فى إفريقيا فى عهده ، فكان قويا أيضا وصلبا بسبب صلابة العمق الإستراتيجى لمصر فى أفريقيا ..

* تقييم أداء السادات :
- كان التضامن العربى فى النصف الأول من حكم السادات ما زال صامدا وقدم العرب كل المساعدات المتاحة عسكريا لمصر فى حربها مع إسرائيل فى عام 1973 ( إقرأ الحلقة الخامسة من " حرب أكتوبر وضرورة لجان التحقيق المستقلة " لكاتب المقال لتتعرف على حجم المساعدات العسكرية العربية لمصر ) ..

إلا أن الثابت أن السادات قد دمر هذا التضامن فى النصف الثانى من حكمه عندما وقع اتفاقية السلام مع إسرائيل.. لقد وعد الشعب بأن تلك الإتفاقية ستحقق الرخاء لمصر وأن عام 1980 سيكون هو عام الرخاء للشعب المصرى .. لكن الواقع على الأرض كان يدل على أن العكس هو ما حدث تماما .. مشكلات مصر تفاقمت وعلى جميع الأصعدة بعد التوقيع على تلك الإتفاقية ، وقد رأى ذلك السادات بأم عينه قبل أن يرحل ..

أدرك السادات الفشل الذريع الذى جلبته سياساته على مصر ، وأخذ المثقفون منه موقفا سيئا ، كرهوا سحنته وشنوا عليه الهجوم بعد الهجوم ..
كان رد السادات على غضب شعبه هو مزيد من الهروب إلى الأمام بالإنحياز إلى السياسة الأمريكية والتى وصلت إلى فرض التوصيات عليه ، لنأخذ مثلا على ذلك وهو استقباله لشاه إيران رغم رفض جميع الدول التى تهيمن عليها الإدارة أمريكا استقباله ..

- أما دور مصر الأفريقى فى عهد السادات فقد شهد المسار السياسى بعض التدهور بسبب إعادة الكثير من الدول الإفريقية لعلاقاتها السياسية مع إسرائيل بعد أن بادر السادات بها ، بينما بقى المسار المائى متماسكا ، ربما بسبب أن الخطة الإسرائيلية كانت تنتظر بعض الوقت لحداثة إتفاقيتها مع مصر ..

* تقييم أداء مبارك :
تولى نائب رئيس الجمهورية حسنى مبارك الحكم بعد رحيل السادات .. كان قد تم ترويضه جيدا فى فترات تجهيزه كنائب .. عرف كل من الغرب وإسرائيل جميع نقاط ضعفه .. أنه يشبه إلى حد بعيد أحد رؤساء جمهوريات الموز فى أمريكا الجنوبية الذى أغرقوا بلادهم بكرة القدم والدعارة والخمر كى يتسنى لهم اغتصابها ..

أفرغ مبارك منذ سنوات حكمه الأولى مصر من ثقلها السياسى ووضع طريقا ثابتا أمامه يقوم أساسا على التعامل مع الشعب من خلال احتقاره والاستعلاء عليه مدعوما بالقوة الأمنية ، نضرب مثلا على ذلك هو تمسكه برجال يكرهم الشعب إلى حد بعيد وطغيان الإنتهاكات فى حقوق الإنسان ..

- كانت آفة عبد الناصر التى دمرت أهداف الثورة هم رفاق السوء من أعضاء مجلس الثورة ، بعضهم تولى ملفات عسكرية وأمنية فأفسدها وتسبب فى هزيمة نكراء ، وبعضهم تآمر مع قوى الغرب كطابور خامس فأجهز عليها عندما تلقى الضوء الأخضر ..

- أما آفة السادات فكانت اتفاقية السلام التى وقعها مع إسرائيل ورميه بكل أوراق القضية فى دائرة النفوذ الأمريكى ، وقد أفسد كل منهما القضية وزاد من تدهور مصر على جميع الأصعدة ، خاصة الإقتصادية والسياسية..

- أما آفة مبارك ، فهى بحر من الظلمات والعمالة التى تستند على الطغيان والفساد ، وقد ضم لهما التوريث فى العقد الأخير ، وهو ما أدى فى النهاية إلى أن تفقد مصر جميع أوراق دورها الريادى فى المنطقة ..

كان يعلم منذ سنوات حكمه الأولى أنه لا يملك كاريزما سياسية لتحقيق طموحات شعبه ، فاتجه بكل قوته إلى اللعب على الحبل من باب السمسرة السياسية لتدعيم مكانته الشخصية ، تجلى ذلك بصورة واضحة فى العراق والسودان واليمن وليبيا ومع الفلسطينيين على وجه الخصوص ..

كما كان يعلم ومنذ أن كان نائبا أن شعبه يكرهه ويطلق عليه النكات التى تليق به ، وقد ساهمت تلك العلاقة العدائية التى بين مبارك وشعبه وبصورة كبيرة فى تدهور دور مصر السياسى ، حيث خصص مبارك جزءا كبيرا من مجهوده لتأمين نفسه لمعرفته المطلقة أنه قد تولى عملا لا يستحقه ..

- مصر فى عهد مبارك لم تعد الشقيقة الكبرى أو حتى الصغرى ، تنازلت مجبرة عن دورها العربى الذى تسلمته السعودية منها وبجدارة .. لم تعد مؤتمرات القمة العربية فى عهده إلا ساحات بقيادته لصب الزيت على النار بين القيادات العربية وصنع الفتن والمكائد هنا وهناك وبأوامر أمريكية أحيانا أو إسرائيلية أحيانا أخرى ..

- مصر فى عهد مبارك أصبحت صهيونية التصرف والسلوك رغم كونها عربية الشكل واللغة .. تشارك الإسرائيليين فى خنق أهل غزة ، وتضع الأسافين والخلافات بين الفلسطينيين لمنعهم من تقوية جبهتهم الداخلية وتنحاز – بأوامر أمريكية - للطرف الذى يفرط فى الحد الأدنى من الحقوق والثوابت ، وتعطى الكيان الصهيونى الغاز المصرى ..
لا يوجد عاقل فى هذا الكون يصدق أن يعطى مبارك الغاز المصرى – المحدود فى الأصل - إلى إسرائيل بسعر أقل من 2 دولار للوحدة بينما سعره العالمى يزيد عن 12 دولار ، الكارثة أن تتم الصفقة لمدة 15 سنة قادمة وليست سنوية ، والكارثة الأكبر أننا نستورد نفس الغاز من الجزائر بالسعر العالمى ..

حديث مصطفى الفقى – أحد أركان النظام – لصحيفة المصرى اليوم فى 12 يناير الماضى أوضح كل شىء ، فقد قال أن الرئيس القادم لمصر لابد أن ينال رضى إسرائيل وأمريكا ..

- مصر فى عهد مبارك لم تعد تهتم بحضور مؤتمرات القمة الأفريقية ، ولم تعد تهتم بحل خلافات الدول الأفريقية السياسية والإقتصادية كما كان يفعل عبد الناصر ..

- مصر فى عهد مبارك دخلت مرحلة الفقر المائى ، لأن إسرائيل – صديقة مبارك والتى لها الكلمة الفصل فى تعيين رئيس مصر القادم – تلعب كما تشاء فى الساحة الأفريقية وتبنى السدود لكل من يرغب كورقة ضغط لقسم ظهر مصر فى المستقبل إذا خرج الرئيس القادم عن طوعهم ..
مصر التى كانت تهدد بالتدخل العسكرى ونسف أى سد يقام على النيل فى أى دولة من دول الحوض ، لم تعد الآن تخيف أحدا لأن نظامها الحاكم مشغول حتى رأسه بتأمين وجوده على صدر شعبه الذى يكرهه وسرقة أو هدر ثروته ..

لقد أدرك مبارك أن بقاءه فى الحكم مرهون برضاء أمريكا عليه وحمايتها لاستمرار وجوده على صدر شعبه ، فرمى بكل ثقله نحوها لتحقيق مصالحها الخاصة ..

ونختم هذه الحلقة بتقارير وتصاريح صدرت من مراكز بحثية متخصصة :

1- أوردت أكبر مجلة متخصصة فى الشئون السياسية الدولية وهى مجلة Foreign Policy التى تصدر عن معهد كارنيجى للسلام الدولى تقريرا فى عام 2006 .. فطبقا لتقييم أجرته المجلة المذكورة فى شهرى مايو ويونيه 2006 فقد احتلت مصر المرتبة 31 لأسوأ 148 دولة فى العالم بنتيجة 3.8 درجة من مجموع عشر درجات ..
وقد استند تقيم المجلة المذكورة إلى إثنى عشر مؤشر هى : الضغط السكانى - اللاجئون والمهجرون - معانات الجماعات - النزوح البشرى أى هجرة السكان - التنمية غير العادلة - التراجع الاقتصادى - تفكك عرى الدولة - الخدمات العامة - حقوق الإنسان - حالة الأمن - انقسام النخب إلى فصائل - التدخل الخارجى ..
لقد أعد التقييم المذكور أكاديميون متخصصون إستنادا إلى بيانات من مصادر أمينة وموثوق فيها كالبنك الدولى وبرنامج التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة .

2- أما الدكتور عبد المنعم المشاط مدير مركز البحوث والدراسات السياسية في جامعة القاهرة فقد صرح فى يونيه 2008 بما يلى :
" إن الدور المصري فى تراجع دائم بسبب عدة عوامل أهمّها تردّي القدرات الداخلية ، مما أدّى إلى تراجع الارادة السياسية واختصار العمل السياسي في مجموعة من الرموز، بالاضافة الى وضع بعض القيود على دور مصر الإقليمي ، مع الوجود الإسرائيلي البارز الذي يلعب دوراً مزدوجاً مع الولايات المتحدة لتحجيم الدور المصري في المنطقة والحلول محلّه في المستقبل..
إن النظام السياسي المصري يحتاج إلى رؤية عصرية تحدّدها القيادة بالتشاور مع أهل العقل والخبرة ، لكنهم مع الأسف إما أنهم غير فاعلين أو مغلوبون على أمرهم.
إننى أعتقد أن السبيل الأوحد لاستعادة دور مصر هو الانطلاق من الداخل ، أو التحوّل الى النموذج الديمقراطي الليبرالي الذي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة من دون استبعاد الآخرين ، مع توسيع دائرة المشاركة في الحياة السياسية للقوى المجتمعية كافة، ومنها المجتمع المدني ، وإحداث طفرة في السياسات التعليمية والبحث العلمي ..
لا يمكن لدولة أو قوّة خارجية أن تهدّد الأمن في مصر ، بقدر ما يهدّده الوضع الداخلي من الحرمان الاقتصادي ، والتهميش السياسي للقوى السياسية ، وتراجع التعليم والبحث العلمي " ..

3- فى فبراير 2009 صدر تقرير من مجلس الإستخبارات القومى الأمريكى ويشير إلى تدهور المكانة الإقليمية لمصر خاصة فى السنوات الخمس التى سبقت صدور التقرير .. وطبقا لتقرير المجلس المذكور فقد أسند تراجع دور مصر الإقليمى إلى ما أسماها بشيخوخة حسني مبارك ، وعدم تمتع مصر بأي مزايا تنافسية مقارنة بباقي الدول المحورية في المنطقة ، وبضياع مصر بين تيارات سياسية إقليمية متضاربة سحبت المنطقة من تحت نفوذها لافتقادها أي مخطط سياسي أو اقتصادي جذاب ..

4- أما مجلة المشاهد السياسى التى تصدر من هيئة الإذاعة البريطانية ، فقد قالت فى المقالة الإفتتاحية لعددها الصادر فى 6 فبراير 2010 ما يلى :
" لا يمكن للمرء إلا أن يسلّم بدور مصر «الهدّام» للقضية .. يدرك النظام المصري أنه فقد موقع صانع الأحداث وبات مجرّد متفرّج ، لا بل مخرّب ، بعد عقود من ادّعائه العمل لنصرة القضايا العربية عموماً ، والقضية الفلسطينية خصوصاً..
بعد إنهاء المقاطعة العربية مع مصر إثر إبرام اتفاق كامب ديفيد ، قدّمت مصر نفسها كلاعب إقليمي دوره حاسم لحلّ الأزمات العربية ، والتي نتجت من الصراع مع إسرائيل ، لتبرم اتفاقاً منفرداً مع تل أبيب بعد انتصار 1973، وهي حاولت رغم ذلك أن تصوّر للعالم نفسها على أنها حاملة القضية الفلسطينية وحاميتها..
راحت تقدّم نفسها كمعلّم ، وأجرت دورات تدريبية للمفاوضين الفلسطينيين في الخارجية المصرية ، لتلقينهم أساليب التفاوض مع الإسرائيليين ، وطوّرت مصر دورها من مدرّب الى راع للمفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية في مؤتمرات للسلام عقدت في شرم الشيخ وباءت كلّها بالفشل .. وبالتالي ، كانت مصر تقود وتمارس دوراً تعطيلياً بين إسرائيل والفلسطينيين ، ثم بين الفلسطينيين والفلسطينيين ، والسعوديين والسوريين ، ناهيك عن السودان واليمن وغيرها من الدول..
ومع مرور الوقت وسقوط القناع المصري ، بدا واضحاً تحوّل الدور المصري إلى مسلسل درامي معاد يقتصر على استجداء المفاوضين الفلسطينيين ومناشدة الإسرائيليين والقوى الغربية ، من دون تحقيق أي خطوات على الأرض ، مع تصريحات مجترّة عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني ، بينما تشيّد الجدران الفولاذية لخنق غزّة وشعبها.. وبالطبع ، فإن السياسة المصرية طوال الوقت كانت حريصة على تحقيق مصالحها الخاصة ، ولو على حساب الآخرين ، وشغلت ديبلوماسيتها بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة علّهما يفوّضانها دوراً للحصول على منح أو مساعدات ، أو حتى إبرام صفقات تصبّ في جيب السلطة المصرية بوصفها داعماً وحليفاً في عمليات التسوية في الشرق الأوسط.." ..



الملف الاقتصادي لمصر فى عهد مبارك







- إذا كانت أراضى البلاد قد نهبت من قبل آل مبارك وزمرته ، فقد ضاعت على خزانة الدولة 800 مليار جنيه وهى القيمة السوقية لهذه الأراضى ، هو تماما ما صرح به المهندس عمر الشوادفى رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى فى عام 2007 ، فقد قدر المساحة المنهوبة بنحو 16 مليون فدان ..

( المساحة المذكورة تقدر بـ 67.2 ألف كم مربع ، وهى تزيد عن مساحة خمس دول من بلدان الشرق الأوسط وهى : فلسطين التاريخية 26.6 ألف كم مربع – الكويت 17.8 ألف كم مربع – قطر 11.4 ألف كم مربع - لبنان 10.4 ألف كم مربع – البحرين 5.7 ألف كم مربع ) .. ( راجع الحلقة الأولى من الدراسة " ملف نهب أراضى مصر " ) ..



- وإذا كان القطاع العام الذى كان السند الحقيقى للمجتمع المصرى - الفقير فى أغلبيته العظمى - قد تم سرقته ببيعه بثمن بخس لواجهات خفية لحساب نظام مبارك ، فقد ضاعت على مصر عدة مئات من مليار الجنيهات لأنها دخلت جيوب آل مبارك وزمرته ..

( يقدر تقرير بنك الإستثمار القومى فى بداية التسعينات شركات القطاع العام البالغة فى حينه 317 شركة بما قيمته 500 مليار جنيها ، لكن الحكومة صرحت فى 2007 أنها باعت أكثر من نصف العدد المذكور بمبلغ 35 مليار جنيها فقط ، مع ملاحظتين هامتين وهما فارق التسعير الزمنى بين الفترتين وبيع الشركات الناجحة دون الخاسرة ) .. ( راجع الحلقة الثانية من الدراسة " ملف نهب القطاع العام فى عهد مبارك ) ..



- وإذا كانت صحة المصريين – الضلع الأول للأمن القومى للدول - فى عهد مبارك قد تدهورت وضربت أرقاما قياسية فى ذلك على المستوى العالمى ، وأسبابها – فى أغلبها كما أوضح المتخصصون - من فعل نظامه الفاسد ، فالثابت أن المصريين قد أنفقوا المليارات الكثيرة على مدى ثلاثين عاما لعلاج مرضاهم ، هذا بالإضافة إلى ما النتائج الكارثية النفسية التى تركها هذا التدهور على التكوين الأسرى ( راجع الحلقة الثالثة للدراسة بعنوان " الملف الصحى للمصريين فى عهد مبارك " ) ..



- وإذا كان التعليم – حجر الزاوية فى تقدم الدول والضلع الثانى لأمنها القومى - قد انهار فى عهد مبارك كما أكد المتخصصون ، فلا أمل فى المستقبل ( راجع الحلقة الرابعة من الدراسة بعنوان " ملف التعليم فى عهد مبارك " ) ..



- وإذا كان الشعب جائعا فى عهد مبارك ، وتتسول مصر " الزراعية " المعونات الغذائية من الدول المجاورة ، وتحتل أرقاما قياسية على المستوى الدولى فى استيراد غذائها ، فمن الطبيعى أن ينذر المراقبون بأن ثورة الخبز على وشك أن تطل برأسها ( راجع الحلقة الخامسة من الدراسة بعنوان " الملف الزراعى لمصر فى عهد مبارك " ) ..






- وإذا كان المجتمع قد أصابه اليأس من انعدام فرص العمل ، وضربه بقوة الظلم فى توزيع الثروة ، وغاب الهدف القومى بسبب قيادته الفاسده ، فمن الطبيعى أن تنتشر بين أطيافه الجرائم الاجتماعية المختلفة ويهرب شبابه إلى أوربا ولو بالموت غرقا أو إلى إسرائيل حيث يلتحقون بجيشها ( راجع الحلقة السادسة من الدراسة بعنوان " الملف الإجتماعى لمصر فى عهد مبارك " ) ..



- وإذا كانت انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر فى عهد مبارك قد أصبحت أحد أهم العلامات التى يعرف بها نظامه على المستوى الدولى ، حيث يعذب المواطن المصرى فى السجون ويزور صوته فى الانتخابات وبلا حياء ويعبث بدستوره لتصعيد ولى العهد ، فمن الطبيعى أن يحتل نظام مبارك أحد المراكز الخمسة الأولى عالميا فى انتهاك حقوق الإنسان ( راجع الحلقة السابعة بعنوان " ملف حقوق الإنسان للمصريين فى عهد مبارك " ) ..



- وإذا كان السياسة المصرية – التى ترتكز تاريخيا على أربعة ركائز وهى التضامن العربى وقيادة الصراع العربى الإسرائيلى والبعد الإفريقى مع الدول الأفريقية ككل ( 53 دولة ) والبعد المائى مع دول حوض النيل ( 9 دول ) – قد ضربت فى الصميم ، فمن الطبيعى أن ينهار دور مصر السياسى فى عهد هذاالطاغية الفاسد ..

لقد تخصص مبارك فى دور السمسار السياسى للمنطقة ويصنع المكائد بين القيادات العربية وينحاز – وكأنه صهيونى – إلى جانب إسرائيل ويضع الأسافين بين الفلسطينيين ويتعالى على الدول الإفريقية معرضا عن حضور مؤتمرات القمة وهو ما أدى إلى قيام عدد من الدول الإفريقية ببناء السدود على النيل وتهديد حصة مصر من الماء ( راجع الحلقة الثامنة من الدراسة بعنوان " الملف السياسى لمصر فى عهد مبارك " ) ..



إذا كان كل ما سبق قد حدث على أرض الواقع فى مصر فى عهد مبارك ، فمن الطبيعى أن يعلن عن وفاة الإقتصاد المصرى .. سنناقش ملف مصر الإقتصادى فى هذه الحلقة الأخيرة من هذه الدراسة ، وأود أن أقدم اعتذارى مسبقا عن انتشار الأرقام بين سطور هذه الحلقة بسبب طبيعة الملف ..

سنقدم عددا من التقارير التى تؤكد على إنهيار اقتصاد مصر فى عهد مبارك ، وهى تتمثل فى النقاط التالية :



* عن سعر الدولار فى عهد مبارك والذى يشكل مرآة لحالة الاقتصاد المصرى ، ففى بداية عهده الأسود كان سعر الدولار يساوى 85 قرشا ، وقفز الآن إلى 560 قرشاً وانهار الجنيه المصرى وفقد 87 % من قيمته ..



* عن البطالة فى عهد مبارك ، فقد كانت بحدود 3 % فى بداية عهد مبارك ، وفى عام 2006 وصلت إلى 29 % طبقا لأرقام مركز الدراسات الإستراتيجية بصحيفة الأهرام فى عام 2006 ..



* عن الفقر فى عهد مبارك ، فطبقا لدراسة للبنك الدولى نشرت فى أواسط 2006 عن الفقر فى الشرق الأوسط فإن مصر – مع اليمن – احتلت ذيل القائمة كأكثر الدول بالمنطقة فقرا حيث يعيش نصف السكان تقريبا تحت خط الفقر ، وصُنفت مصر كثالث سوق عالمى فى بيع الكلى بسبب فقر مواطنيها واضطرارهم لبيع أجزاء من أجسادهم لمواجهة أعباء الحياة ..



* عن البورصة التى أنشأها مبارك بهدف تنشيط وتنظيم الاقتصاد كما زعم ، فقد سيطر عليها ولداه مع حاشيتهما وقامت بعمليات سطو منظم لإيداعات المصريين بالتلاعب فى قيمة الأسهم هبوطا أو صعودا بالإحتيال والخديعة.. لقد أدت تلك العمليات إلى ضياع الكثير من مدخرات المصريين ونتج عنها الكثير من حالات الانتحار وكان بعضها جماعيا حيث شمل جميع أفراد الأسرة ..



* عن البنوك التى كان من المفروض أن تساهم فى إنشاء المشاريع القومية الكبرى وخلق الوظائف ، فقد ضربها لصوص مبارك فى الصميم مرتين :

المرة الأولى : من خلال القروض التى حصلوا عيها والتى وصلت مبالغها إلى مليارات كثيرة ثم امتنعوا عن السداد ، وقد أوردنا فى الحلقة الأولى من الدراسة مثلا واحدا لإبراهيم كامل - أحد أعوان مبارك – الذى اقترض ما يقرب من ثلاثة مليار جنيه من البنك الأهلى – أغلبه كان من فرع الألفى بالقاهرة وامتنع عن السداد لتمتعه بالحماية من مبارك ..

المرة الثانية : من خلال بيع الكثير منها وبثمن بخس إلى الكثير من الواجهات وقد أوردنا الكثير من تلك الحالات فى الحلقة الثانية من الدراسة والخاصة بنهب القطاع العام ..



* تقدم منظمة الشفافية الدولية حالة كارثية عن مدى تغلغل الفساد المتصاعد فى الإقتصاد المصرى .. فقد حصلت مصر على المرتبة 70 فى العام 2006 على سلم الشفافية من مجموع 163 دولة ، والمرتبة 105 فى العام 2007 من مجموع 180 دولة ، والمرتبة 115 فى العام 2008 بحصولها على 2.8 درجة من إجمالى عشرة درجات من نفس مجموع الدول السابق ، أما فى عام 2009 فقد حصلت على المرتبة 111 من نفس مجموع الدول السابق بينما احتلت الصومال المرتبة الـ 180 ..



* وصل الناتج القومى لمصر – ذات الثمانين مليون نسمة - فى عام 2008 إلى ما قيمته 105 مليار دولار ، ووصل متوسط دخل الفرد إلى ما قيمته 1500 دولار فى السنة ..

هى أرقام كارثية إذا ما قورنت بالدخل القومى فى إسرائيل – ذات الستة ملايين نسمة - فى عام 2008 والذى وصل إلى ما قيمته 202 مليار دولار بينما وصل متوسط دخل الفرد فيها إلى 28 ألف دولار .. علما أنها دولة تعيش فى محيط يهدد وجودها وتصرف على تسليحها 15 مليار دولار سنويا ..



* أظهر التقرير الشهرى للبنك المركزى المصرى والذى صدر فى 9 فبراير 2010 أن حجم الدين الخارجى لمصر قد ارتفع إلى 32.4 مليار دولار فى نهاية سبتمبر 2009 ( 179 مليار جنيها ) .. كما اعترفت وزارة المالية فى تقرير لها فى 8 يناير 2010 أن الدين المحلى قد وصل إلى 689 مليار جنيها ..



إن نظرة سريعة إلى مجموع الرقمين ( 868 مليار جنيها ) يؤكد وبوضوح حجم الكارثة فى الإقتصاد المصرى ، حيث يتساوى " تقريبا " حجم الدين الإجمالى مع حجم الناتج القومى المصرى ..



لقد قدر المختصون فى أرجاء المعمورة أن حجم الدين المسموح به عالميا لا يجب أن يزيد عن 60 % من حجم الناتج القومى للدولة المقترضة ، وهو ما يعنى على أرض الواقع أن الإقتصاد المصرى قد دخل إلى غرفة الإنعاش ، ومع استمرار الإقتراض داخليا وخارجيا وما يرافقه من دفع الفوائد المستحقة له ( تبلغ فوائد القرض الخارجى ما قيمته 3 مليار دولار سنويا ) فإن الوضع برمته مرشح بالدخول إلى الإفلاس التام ..



* عن الاستثمار فى عهد مبارك ، أكد تقرير صادر من البنك الدولى فى العام 2005 أن مصر تحتل المرتبة 141 من بين 155 دولة شملها التقرير .. جاء العراق - رغم الحروب المختلفة التى على أرضه - فى المرتبة 114 .. جاءت إيران وسوريا رغم العزلة الدولية المفروضة عليهما فى المرتبتين 107 ، 121 على التوالى .. حتى رواندا التى جرت على أراضيها حرب أهلية فى منتصف تسعينات القرن الماضى وقُتل على أثرها ما يقرب من مليون مواطن احتلت مرتبة متقدمة عن مصر ، هذا فى الوقت الذى يخدع فيه النظام المصرى الفاسد شعبه زاعماً زيادة حجم الاستثمارات فى مصر ! ..



كما احتلت مصر المرتبة 58 فى النشاط السياحى فى عام 2007 من بين 124 دولة شملها تقرير مؤشر تنافسية السياحة العالمية رغم أنها دولة غنية بتراثها الثقافى والتاريخى ( يتواجد بمدينة الأقصر ثلاثا آثار العالم ) ، واحتلت الإمارات المركز الـ18 وإسرائيل المركز الـ 32 وتونس المركز الـ34 ، كما أشار التقرير إلى أن مصر حصلت على أقل نسبة من السائحين فى الشرق الأوسط بين عامى 1997 / 2007 ..



وجاء تقرير القدرة التنافسية لعام 2008 والذى يصدر من المنتدى الاقتصادى العالمى " دافوس " ليكشف النقاب عن تدهور وضع مصر فى مختلف المجالات مقارنة بدول العالم ، فقد احتلت مصر فيه المركز قبل الأخير – رقم 130 – بين قائمة دول العالم التى شملت 131 دولة من حيث كفاءة سوق العمل والقدرة على التنافس ..



* قال تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس وصدر فى 12 مايو 2009 وأعده الخبير المتخصص جيرمى شارب ومفاده أن الفقر والتعليم المنهك والفساد هى أبرز العقبات أمام الاقتصاد المصرى ..



* قال الخبير الاقتصادى أ. د. أحمد النجار – حاصل على وسام الشرف فى محاربة الفساد عن عام 2007 من المنظمات غير الحكومية – فى حديثه لصحيفة الدستور المستقلة الصادرة فى 15 مارس 2006 ما يلى :

" إن الاقتصاد المصرى تغلب عليه صفة " الاقتصاد الأسود " ، بمعنى أنه اقتصاد تنتشر فيه أموال ناتجة عن تجارة المخدرات وسرقة الآثار ونهب الأراضى بثمن بخس وبيعها بأسعارها السوقية بعد تسقيعها " ..



- عن تهريب الآثار فى مصر فقد أكَّد محسن راضي - عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو لجنة الثقافة والإعلام - فى 12 ديسمبر 2009 أن بعض الجهات المختصة قدرت قيمة الآثار المسروقة بـ200 تريليون دولار ..



- وعن المخدرات فقد قدر بعض خبراء الإجتماع بأن قيمة المخدرات التى بيعت داخل مصر فى عام 2009 قد بلغ 38 مليار جنيها ( راجع الحلقة السادسة من الدراسة ) ..



- وعن تجارة الأراضى التى نهبها كبار المسؤولين أو من يدورون فى فلكهم فقد أوردنا بعض العنواين لمتخصصين فى صدر هذه الحلقة ( راجع الحلقة الأولى من الدراسة ) ..



* يرتكز الاقتصاد المصرى فى مجملة على أربعة عوامل وهى تصدير كميات محدودة من البترول والغاز ، والسياحة ، وقناة السويس وعائد مدخرات المصريين العاملين فى الخارج ، وهى عوامل لا دخل للإنسان بشكل مباشر فى صنعها ..



إن اقتصادا بهذا الضعف يجعله عرضة للتغيرات الدولية .. ليس من المستغرب إذن أن يؤكد المختصون أن مصر هى من أوائل الدول التى تأثر اقتصادها سلبا بالأزمة المالية التى تضرب العالم منذ سبتمبر 2008 ..

لقد أكد تقرير للبنك الدولى صدر فى 20 يناير 2010 بعنوان " الآفاق الإقتصادية العالمية فى 2010 " أن مصر هى ضمن أكثر الدول المتضررة من الأزمة المالية العالمية ..



تتوافق الأرقام التى أعلنتها الجهات المختصة فى مصر مع ما صرح به تقرير البنك الدولى السالف الذكر :



- فقد ورد عن تقرير صادر من هيئة قناة السويس فى 10 يناير 2010 أن دخل القناة فى عام 2009 قد انخفض إلى 4.281 مليار دولار بينما كان يبلغ فى عام 2008 ما قيمته 5.382 مليار دولار ..



- وقال وزير السياحة زهير جرانة فى 7 فبراير 2010 أن دخل السياحة فى مصر فى عام 2009 قد انخفض إلى 10.8 مليار دولار بينما كان فى عام 2008 ما قيمته 11.02 مليار دولار ..



- وأورد تقرير صادر من البنك المركزى فى 24 فبراير 2010 أن تحويلات المصريين فى النصف الأول من العام المالى 2009 / 2010 قد انخفض إلى 3.46 مليار دولار بينما بلغت 4.14 مليار دولار بمثيلتها فى العام الذى سبقه ..



- كما يندرج تأثر الإقتصاد المصرى سلبا أيضا على صادرات مصر من الطاقة ، وإن كانت أرقام المسئولين تتسم بالكتمان فى هذا الشأن بسبب تصدير الغاز المصرى لإسرائيل بثمن بخس لتمرير التوريث ، وهى القضية التى ما زالت تثير جدلا كبيرا فى أوساط الشارع المصرى بجميع أطيافه ، حيث لا يصدق عاقل أن يقدم نظاما سلعة إستراتيجية محدودة الكمية فى أراضيه كالغاز إلى إسرائيل بسعر 2 دولار للوحدة وبعقد مدته 15 عاما ، بينما يشترى نفس الوحدة فى عقد موسمى بسعر 12 دولارا من الجزائر ..



إن اقتصاد مصر فى عهد الطاغية الفاسد يشبه إلى حد بعيد الملف السياسى له ، فمبارك السمسار السياسى للشرق الأوسط يدير اقتصادا لمصر يطلق عليه بعض المختصين " اقتصاد التوكيلات التجارية " ..

لو كانت هناك قيادة مصرية نزيهة ومحترفة تدير دفة الإقتصاد المصرى ، لأدركت على الفور ضرورة التخصص فى سلعة ما من السلع التى تتميز بمدخولها العالى على البلاد ، كى تتجنب أى هزة عالمية ..

لقد فعلت العديد من البلاد التى كان فى أوضاع مشابهة لنا ذلك ، وحققت مداخيل كبيرة فى انتاجها القومى ، ونقدم فى ذلك أربعة نماذج من هذه الدول :



- النموذج الأول ، ماليزيا : طوف وشوف بجنة ربنا !

شهدت ماليزيا مرحلة النهوض الواسعة منذ بداية ثمانينات القرن الماضى حيث تولى مهاتير محمد سدة السلطة التنفيذية بها فى عام 1981 ، وهو نفس العام الذى تولى فيه مبارك الحكم فى مصر ..

فى هذة الفترة الزمنية تم إنشاء أكثر من خمسة عشر مشروع صناعى كبير يتميز بالتقنية العالية ، كانت صناعة البرمجيات تمثل العمود الفقرى لها .. تحتل الآن تلك المشروعات موقع الصدارة فى مكونات الدخل القومى لماليزيا ..

فطبقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة لعام 2001 - والذى رصد أهم ثلاثين دولة مصدرة للتقنية العالية فى العالم - فإن ماليزيا احتلت المرتبة التاسعة عالميا متقدمة بذلك على إيطاليا والسويد والصين ، وتشكل صادرات ماليزيا من التكنولوجيا العالية والمتوسطة 74 % من مجمل الصادرات ..

جدير بالذكر أن الناتج القومى الماليزى قد بلغ 275 مليار دولار فى عام 2006 رغم أن عدد السكان يبلغ 26 مليون نسمة عن نفس الفترة .. من الطبيعى إذن أن يبلغ متوسط دخل الفرد الماليزى فى العام المذكور ما قيمته 11 ألف دولار تقريبا ..



ليس مستغربا إذن أن يقدم مهاتير محمد – قائد ماليزيا الحديثة – فى 28 سبتمبر 2003 استقالته وإصراره على ذلك عقب رفض الشعب الماليزى تلك الاستقالة ، وقد سبق ذلك بأيام بكاؤه على الهواء مناشدا الشعب أن يسمح له بمغادرة منصبه لحاجته إلى الراحة بعد سنوات من العمل المتواصل فى سبيل تحقيق رخاء بلاده ..



لم ينسى القائد مهاتير قبل أن يرحل أن يضع لشعبه هدفا قوميا يسير عليه فى الأعوام التى تلى رحيله ، لقد وضع الخطة 2020 وانتشرت شعاراتها فى جميع أنحاء البلاد ، فى المستشفيات والمحلات التجارية ونواصى الشوارع وفصول الدراسة ومحطات الأتوبيس .. إنها باختصار تحكى تفاصيل دخول ماليزيا نادى الأغنياء بحلول العام 2020 ..



- النموذج الثانى ، الهند : الفيل العجيب!

كانت الحالة الهندية فى سبعينات القرن الماضى كفيلة بإلقاء اليأس فى قلب أشد قيادات العرب تفاؤلا ، بسبب ما تحتوى على تناقضات تتمثل فى العديد من المشكلات التالية : عرقيات وأديان ولغات مختلفة ، وعدد للسكان تجاوز المليار نسمة ، وأعداء يحيطون بها على الحدود ( الصين وباكستان ) ، وحركات انفصالية فى الداخل ( حركات مسلحة إسلامية فى كشمير ، حركات مسلحة سيخية ، والحركات المسلحة الماوية ) ..



لقد شرعت الحكومة الهندية منذ عام 1985 فى إجراء إصلاحات إقتصادية شاملة بالبلاد ، وقد نتج عنها إرتفاع معدل النمو الإقتصادى حتى بلغ ثانى أعلى معدل يتحقق عالميا بعد الصين طوال على مدى الـ 15 سنة الأخيرة ..



لقد شهدت الهند فى ربع القرن الأخير نهضة إقتصادية شاملة فى جميع القطاعات ، وتتواجد على أرضها صناعات قوية تنافس فى كل العطاءات الدولية أمام عطاءات الدول الكبرى ، مثل صناعات المعلومات والمجوهرات والصناعات الهندسية وصناعة السيارات والألكترونيات والحديد والصلب وإنشاء محطات الكهرباء والصناعات الخفيفة والفندقة والتشييد والبناء والكيماويات والنسيج وكذلك قطاع الصحة الذى يشكل معدل النمو به ثانى أعلى معدل للنمو العالمى بعد الولايات المتحدة ..



وقد نال الجيش الهندى نصيبه أيضا من هذه الإنجازات ، لم تكتف الهند بتحقيق" توازن الرعب " مع التنين الصينى فى نهاية القرن الماضى والذى أذاقها هزيمة مرة فى عام 1962 ، فانكب العلماء الهنود على توفير الصاروخ الذى يصل إلى جميع مناطق الصين ..

لقد تحقق هذا الهدف من خلال العمل الدؤوب وعلى مراحل تتسم بالجدية والتصميم .. كان هناك صاروخ أغنى 1 ( 1200 كم ) ثم أغنى 2 ( 2000 كم ) ثم أغنى 3 ( 3000 كم ) والآن يوجد أغنى 4 ( 5000 كم ) والذى يغطى كل الأراضى الصينية والذى يقف بالمرصاد أمام نظيره الصينى المشابه 4-DF ..



كما نال سلاح البحرية الهندى أيضا نصيبه من هذا التطور الإقتصادى الكبير ، ففى عام 1989 أعلنت الهند عن بدأ برنامجها لبناء غواصات نووية وفى عام 1993 أعلنت عن بدأ بناء حاملة طائرات وفى عام 1998 تمكنت من بناء مدمرة ضخمة ..



ويسير البرنامج الفضائى الهندى أيضا بخطى ثابته حيث أطلقت الهند مركبتها الفضائية غير المأهولة للدوران حول القمر فى 21 أكتوبر 2008 ، وهى صناعة هندية خالصة ..

لقد تنبأ ستيفين كوهين – يُطلق عليه عميد الدراسات الإستراتيجية بجنوب آسيا – فى بداية ثمانينات القرن الماضى بأن الهند ستصبح القوة العالمية العظمى فى الألفية الثالثة وسيكون من اليسير مقارنتها بالولايات المتحدة ..



إن الديمقراطية الراسخة فى النفوس هى كلمة السر فى التفوق الهندى .. لقد جعلها قادة الهند واضحة وضوح الشمس فى رابعة النهار ، فطبقوها على أنفسهم قبل أن يُعلموها لأبنائهم فى المدراس العلمية والعسكرية .. إن تداول السلطة واحترام إرادة الشعب هو واجب مقدس يجب الحفاظ عليه والتضحية من أجله فى عقل كل هندى ..



- النموذج الثالث ، تركيا : أمان ربى أمان !

سيطرت الإنقلابات العسكرية على الحياة فى تركيا ، وكانت كلها بإيعاز من أمريكا .. يشبه العسكريون فى انقلاباتهم وإلى حد كبير الملوك الفاسدين والطغاة فى كونهم أنهم إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ..



كانت تركيا وحتى العام 2001 تغوص فى أزمات صعبة وعلى كل الأصعدة .. تمثلت فى استفحال الفساد الذى كان يأكل كل خيرات البلاد ، وفى شهر فبراير من العام المذكور خاضت تركيا غمار أزمة إقتصادية طاحنة لم تشهد لها مثيلا منذ تأسيسها ، وأعلن إثنان وعشرون بنكا إفلاسهم وتكلفت خزينة الدولة من جراء ذلك 45 مليار دولار ..



لا ضرر أن يسقط اقتصاد البلاد إلى أدنى مستوى فى مرحلة تاريخية ما ، طالما أن المواطن قادر على أن يصحح الأخطاء من خلال إنتخابات حرة نزيهة ، لا تزوير فيها ، ولا وجود لعصابات البلطجة الحكومية ، ولا وجود لضباط أمن الدولة لترهيب المنتخبين واعتقالهم ، و لا حشد لآلاف جنود الأمن المركزى الذين يطلقون الرصاص الحى وقنابل الغاز على المواطنين كى يجبروهم على الإنصراف حتى لا ينتخبوا الإدارة النزيهة القادرة على إدارة البلاد ، ولا عبث بالدستور لتفصيله بالمقاس كى يناسب شخصا واحدا بعينه ..



جرت الإنتخابات بتركيا فى نوفمبر 2002 ، وفاز حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان ، ومثل ذلك بارقة الأمل الوحيدة للمواطن التركى فى تصحيح مسار بلاده من الأسوأ إلى الأفضل ..



أحدثت حكومة العدالة والتنمية بالبلاد ثورة اجتماعية سميت بـ" الثورة الصامتة " وأضافت لخزينة الدولة فى غضون الأعوام الثلاثة الأولى التى قضتها فى الحكم - 2002 / 2005 – مبلغاً قدره 70 مليار دولار كان يُنهب بواسطة الفاسدين .. وارتفع دخلها القومى من 143 مليار دولار فى عام 2002 إلى 498 مليار دولار فى عام 2008 ، وزاد بذلك متوسط دخل الفرد التركى من ألفى دولار فى عام 2002 إلى 7 آلاف دولار فى عام 2007 .. وقد وعد رجب طيب أردوغان شعبه عقب فوز العدالة والتنمية فى انتخابات أغسطس 2007 بأن الهدف القادم لحكومته هو الوصول بدخل الفرد إلى 10 آلاف دولار سنويا ..



كان هذا على الصعيد الإقتصادى للمواطن التركى ، أما على الصعيد السياسى ، فهناك الكثير الذى يفتخر به كل مواطن تركى .. تركيا – العضو الهام فى الناتو - رفضت دخول قوات الحلف أراضيها بما فيها القوات الأمريكية فى عام 2003 عندما غزا بوش أرض العراق ، بينما سمح الطاغية الفاسد بمرور 36 ألف طلعة جوية أمريكية فى سماء مصر تشق طريقها لقتل العراقيين ..



كما نددت تركيا بإسرائيل التى قتلت 1500 مواطن فلسطينى فى غزة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009 ، بينما كان طاغية مصر الصهيونى – وما زال حتى هذه اللحظة - يشارك أقرانه الإسرائليين فى تلك المحرقة بفرض الحصار الغذائى والكهربائى على أهل غزة ، ويذكر القارىء التعنيف والتوبيخ الذى تلقاه شيمون بيريز وعلى الهواء من القائد أردوغان فى موتمر دافوس بسويسرا فى 29 يناير 2009 والذى عقد بعد أيام من تلك المحرقة ، وربما يذكر القارىء أيضا بكاء القائد أردوغان وعلى الهواء بسبب تلك المحرقة !!



- النموذج الرابع ، إسرائيل : حراب على الحدود وازدهار بالداخل ..

تتميز إسرائيل بالعديد من الصناعات ومنها صناعة الماس والتى تدر عليها دخلا سنويا يبلغ ستة مليار دولا ، وهى بذلك الحجم تمثل 90 % من الماس المنتج عالميا علما أنها ليست منتجة له ..



فى كتابهما " الفجوة الرقمية " يسرد الدكتور نبيل علي والدكتورة نادية حجازى الفارق التكنولوجى المخيف الذى وصلت إليه إسرائيل مقارنة بالعرب ، فيقولان أن إسرائيل تحتل المراتب العالمية التالية :

- الأولى عالميا فى حجم الإنفاق على البحث العلمى مقارنة بالناتج المحلى .

- الأولى عالميا فى تطوير نظم حماية أمن البيانات ومواقع الإنترنت ضد الاختراق .

- الثانية – بعد أمريكا – فى عدد الشركات الصغيرة المدرجة فى شركات التكنولوجيا المتقدمة التى يتم تداولها فى بورصة نيويورك

- الثانية – بعد ألمانيا – فى نسبة عدد المهندسين إلى عدد السكان .

- الثالثة فى مستوى أودية السيليكون المتخصصة فى التكنولوجيا المتطورة .

- الرابعة فى تكنولوجيا الاتصالات .

- الخامسة بين الدول المصدرة للسلاح والأولى فى نسبة صادرات السلاح إلى إجمالى الصادرات .

- السادسة فى عدد براءات الإختراع المسجلة مقارناً بعدد السكان والرابعة فى عدد البراءات المسجلة فى أمريكا وأوروبا .

- الثامنة فى نظم الدفع الصاروخى للأقمار الصناعية إلى مداراتها فى الفضاء الخارجى .

- الثانية عشر فى البنية التحتية للمعلومات ( إنتهى كلام المؤلفيْن ) .



تلك النماذج الأربعة معدومة فى مصر رغم توافر الإمكانات البشرية ورخصها ، والفشل يعود إلى قيادة السياسية التى تخلت عن مسؤولياتها وتفرغت لنهب البلاد وتأمين وجودها بكل الوسائل ..



* إن مبارك يردد فى الصباح والمساء " أن الفساد ينتشر بالعالم كله ونحن جزء من هذا العالم " ، وهذا رد يثير الريبة فى النفوس ويثبت أكثر من مرة أن البلاد ليست فى أيد أمينة ، فضلاً عن كونه رد غير صريح ..

لقد كانت الأرجنتين – ومثلها تركيا كما أوضحنا – تمثل حالة من الفساد المستشرى بالبلاد ، كما كانت تمثل أكبر مديونية فى العالم فى تسعينات القرن الماضى ، ولما تولى الحكم المخلصون بالبلاد أنجزوا بها الكثير فى فترة قصيرة ، وفى ديسمبر 2005 تم تسديد جميع ديون الأرجنتين نحو العالم وقبل الموعد المحدد ..



الأمر إذن يتوقف برمته على أبناء مصر ، فالأمل معقود عليهم بأن يقفوا كرجل واحد وراء دكتور البرادعى ، وأن يدركوا أن ما يبذلونه من دماء وتضحيات فى سبيل بناء مصر الحرة هو أقل بكثير من الدماء التى يستنزفها مبارك وزمرته من أجسادهم ، سواء تلك التى تنفق فى المعتقلات أو تلك التى تموت بسبب الأمراض أو تلك الناتجة عن الفقر الناتج عن نهب هذا الطاغية مصر عن آخرها ..



مصر تستحق التضحية ، والفوز لرجالها الأبطال بإحدى الحسنيين فى ميدان المنازلة والتحدى يمثل حالة رعب لطاغية مصر الهالك .." إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ، وترجون من الله ما لا يرجون" ، صدق الله العظيم ..



الموجز لمن لا يحبون التمحص فى الادله والاسانيد





الأحوال المالية

ديون : إجمالي 614 مليار جنيه

الفقر : 35% من الشعب تحت خط الفقر,أقل من1 دولار في اليوم

نقود مهربة : 300 مليار دولار خرجت من البلاد

الجنيه المصري : الدولار= 85 قرش سنة1981م و 6 جنيهات سنة 2005 م



الأحوال الصحية

السرطان : تضاعف 8 مرات .أعلى نسبة في العالم

الذبحة الصدرية :20 % من الحالات شباب تحت الأربعين

البلهارسيا : أعلى نسبة في العالم

السكر : ‏7‏ ملايين .. ‏10 %‏ تقريبا من عدد السكان

إلتهاب كبدي : 13 مليون.. 20 % من الشعب

فشل كلوي : أعلى نسبة في العالم

شلل الأطفال : موجود في 6 دول في العالم فقط منهم مصر

الإكتئاب : ‏20‏ مليون مواطن

أمراض نفسية ( أخرى) : ‏6‏ ملايين

التدخين : 80% من البالغين مدخنين

التلوث : أعلى نسبة في العالم...تلوث للهواء ومياه الشرب



والتدهور في التربة والمناطق الساحلية..خسائر 30 مليار جنيه



الانفاق الحكومي: 10 دولار للفرد سنوياً



الأحوال الاجتماعية




القضايا : 20 مليون قضية بالمحاكم .أقدمها من 38 عام حتى الاّن

البطالة : 29% من القادرين على العمل..حوالي 5 مليون شاب

الانتحار : 3 اّلاف محاولة سنوياً

حوادث الطرق : 6 آلاف قتيل سنويا و 23 الف مصاب

الطلاق : 28%

العنوسة : 7 مليون عانس .. 4 مليون فوق 35 عام

الهجرة : 4 ملايين مهاجر : 820 ألفاً من الكفاءات و 2500 عالم في تخصصات شديدة الأهمية.. 6 ملايين طلب هجرة للولايات المتحدة وحدها سنة 2005

الأُمية ( الحالية) : 26% من الشعب المصري

الأُمية ( المستقبلية) : 7% من الأطفال لا يدخلون المدارس بسبب الفقر ..غير الهاربين بعد الدخول



التعليم : دروس خصوصية ، كتب خارجية ، جامعات خاصة للربح فقط

عمالة الأطفال : نصف مليون طفل

أطفال الشوارع : تقربر الأمم المتحدة : 100 ألف طفل

عشوائيات : 45% من الشعب يسكن العشوائيات.. 35 منطقةعشوائية بالقاهرة فقط

موظف الحكومة : تحت خط الفقر ويؤخذ منه ضرائب( ستة جنيهات متوسط دخل الموظف يومياً )

المخدرات : 6 مليار دولار سنوياً في تجارة المخدرات



مشاكل أخلاقية

رشوة، محسوبية، بلطجة، توريث المهن، عُري، زواج عرفي ,قتل الأزواج، امتهان وتحرش بالنساء، ألفاظ بذيئة، صحافة جنسية غش جماعي وجريمة و تسول



الأحوال السياسية

سيطرة وفساد النخبة الحاكمة، مراكز قوى، الإعداد لتوريث الحكم،تزوير انتخابات،قمع المعارضة،اعتقالات،تعذيب حتى الموت،انتهاك لحقوق الإنسان، إلغاء دور النقابات والجمعيات الأهلية



مشاريع قومية متوقفة او خاسرة

القضاء على الأمية قبل عام 2000 ، زراعة الصحراء الغربية بالقمح (مشروع اليابان)

وادي السليكون، محطة الطاقة النووية، جامعة د/ أحمد زويل (التكنولوجيا)

فوسفات أبو طرطور ,وادي توشكى



أكثر من 2,3 مليار جنيه خسائر بشركات القطن

و 8 مليارات جنيه خسائر شركات الغزل والنسيج

و 12 مليار جنيه العجز الإجمالي لسكك حديد مصر

خسائر 10 مليارات جنيه بقطاع الإذاعة والتلفزيون


جرائم مبارك :

(1) فرط فى الاستقلال الوطنى و أضاع السيادة الوطنية ، بأن جعل سياسة مصر الخارجية تابعة للاستراتيجية الأمريكية ، و جعل سياسة مصر الاقتصادية تابعة لتوجيهات صندوق النقد الدولى ، و البنك الدولى التابعين لأمريكا ، و باع القطاع العام للأجانب بأبخس الأثمان و هو ثروة مصر القومية التى بناها الشعب بكده و عرقه على مدار عشرات السنين ، و هى سياسات أدت الى إفقار الشعب المصرى ، و عسكريا جعل قواتنا المسلحة معتمدة على السلاح الأمريكى و فتح قواعدنا الجوية و أجواءنا للسلاح الجوى الأمريكى ، و فتح أراضينا للقوات البرية الأمريكية ، و فتح مياهنا الاقليمية للقطع البحرية الأمريكية منذ عقدين من الزمان

(2) جعل التطبيع مع العدو الصهيونى من ثوابت السياسة المصرية على حساب استقلال مصر و ارتباطها بأمتها العربية و الاسلامية ، و وصل الأمر إلى حد عقد اتفاقية الكويز التى وضعت صناعة النسيج فى قبضة اليهود و عقد صفقة لبيع الغاز الطبيعى مع الكيان الصهيونى ، بالاضافة للبترول و السياحة و التعاون الزراعى الذى قتل المصريين ، و عقد اتفاقا لاقامة مزارع مشتركة مع إسرائيل فى سيناء . بينما يواصل العدو الصهيونى التنكيل بالشعب الفلسطينى و احتلال القدس و كل فلسطين و أسر المسجد الأقصى و التهديد بهدمه ، و فى وقت يعلن العدو ان القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيونى .

(3) التعاون مع الكيان الصهيونى لضرب و محاصرة الشعب الفلسطينى بمحاصرة غزة بقوات مصرية لمنع تهريب السلاح للمقاومين ، و ممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية لوقف الجهاد المسلح ضد المحتل ، و القيام بتدريب الأمن الفلسطينى لقمع فصائل المقاومة .

(4) التعاون مع قوات الغزو الأمريكى لاحتلال أفغانستان من خلال التعاون الاستخبارى و من خلال فتح الأجواء و القواعد فى مصر لنقل القوات الأمريكية الى أفغانستان ، و التعاون الكامل مع أمريكا فيما يسمى الحرب ضد "الارهاب" ، و هى حرب على مقاومين قاتلوا فى كوسوفا و البوسنة و أفغانستان و الآن فى العراق . و قيام الحكومة المصرية بلعب دور تعذيب الاسلاميين نيابة عن أمريكا .

(1) التعاون مع قوات الغزو الأمريكى لاحتلال العراق ، بتقديم كافة التسهيلات العسكرية و اللوجستية (الادارية) لعمليات حشد القوات الأمريكية لضرب العراق و إحتلاله ، و تقديم معلومات استخبارية كاذبة للولايات المتحدة عن امتلاك العراق لأسلحة جرثومية ، و قيام ابنه جمال بتوصيل هذه المعلومات قبل غزو العراق للبيت الأبيض مباشرة . و الاعلان المتواصل عن رفض الانسحاب الأمريكى من العراق .

(2) يتحمل مبارك بصورة مباشرة المسئولية عن الجرائم التى أرتكبها يوسف والى فى حق الشعب المصرى على مدار ربع قرن ، و أدت الى اصابة 19 مليون مصرى بأمراض خطيرة على رأسها السرطان و الفشل الكلوى و الكبدى ، من خلال المبيدات المسرطنة و الهرمونات و الهندسة الوراثية معظمها مستوردة من الكيان الصهيونى .

(3) يتحمل مبارك المسئولية عن السياسات التى أدت إلى افقار الشعب المصرى حيث يعيش 48% من السكان تحت خط الفقر ، و يعانى 29% من البطالة ، و يعانى 11 مليون شاب و شابة من العنوسة .

(4) بينما أفقر الشعب المصرى ، حققت أسرته ثروة بالمليارات و أنشأ ابنه جمال شركات تحسب أصولها بمئات الملايين من الدولارات ، و بدأ نشاطه الاقتصادى بالمتاجرة فى ديون مصر و هى جريمة فساد دامغة . و مبارك هو زعيم عصابة الفساد ، حيث لم يقدم كشف حساب عن التفويض الذى يحصل عليه من 24 عاما لاجراء صفقات السلاح بينما لا يوجد أى مبرر للسرية فى زمن السلم . و تقدر الأموال التى نزحت من البلاد فى أقل تقدير بـ 200 مليار دولار ، بينما يتربع على قمة السلطة مجموعات مغرقة فى الفساد فى مختلف المجالات و تتمتع بالحصانة و الحماية من رأس الدولة .

(5) الاستيلاء على الحكم دون ارادة الشعب ، من خلال تزوير الاستفتاءات و الانتخابات البرلمانية ، و هو التزوير الذى أكدته أحكام القضاء . و التزوير جريمة لا تسقط بالتقادم .

(6) الاعتداء على استقلال السلطة القضائية الذى نص عليه الدستور ، بوضع سلطة القضاء تحت رحمة و تدخلات السلطة التنفيذية من خلال وزارة العدل .

(7) الاعتداء على 4 نصوص دستورية تؤكد ضرورة وجود نائب لرئيس الجمهورية ، و التصرف فى إدارة البلاد و كأنها عزبة خاصة ، له و لأسرته ، و عدم تعيينه لنائب على مدار 24 عاما للاحتفاظ بهذا الموقع لابنه.

(8) انتهاك حقوق الانسان المصرى على أوسع نطاق لم يشهد التاريخ المعاصر لمصر مثيلا له ، دخل المعتقلات فى عهده ربع مليون مواطن ، يوجد حاليا أكثر من 25 ألف معتقل ، و التعذيب و انتهاك الأعراض ممارسة روتينية فى الأقسام و السجون فى ظل حالة طوارئ مستديمة ، و ان كان قانون الطوارئ لا يبيح التعذيب . كرامة المواطن المصرى استبيحت فى عهده دون أى حماية أو ضمانات أو عقوبات رادعة . و عمليات الاختطاف و الاختفاء و القتل خارج نطاق القانون ممارسة شائعة لأجهزة الأمن .

(9) رغم ادعائه بأنه يطبق الطوارئ على الارهاب و المخدرات ، إلا ان سوق المخدرات و زراعتها و صناعتها ازدهرت فى عهده أكثر من أى عهد آخر ، و بلغ حجم سوق تجارة المخدرات 6 مليار دولار سنويا ، مع انخفاض أسعارها نظرا لتوفرها الشديد .

(10) حرب على الاسلام و العقيدة الاسلامية : كل الجرائم الماضية تمثل حربا على الاسلام و المسلمين ، و مع ذلك فان عهد مبارك شهد حربا على العقيدة الاسلامية : بعمليات تشويه المناهج التعليمية ، و أكبر حملة لتأميم المساجد ، و التضييق على ذكر الله فيها ، و شن حملة على الدعاة و اضطهادهم ، و تعذيبهم ، و سجنهم و نفيهم من البلاد أو منعهم من وسائل الاعلام و المنابر . و ضرب ما تبقى من استقلالية مؤسسة الأزهر و دار الافتاء . و محاربة مظاهر التدين و اضطهاد المتدينيين ، و تشجيع الفسق و الفجور فى وسائل الاعلام و غيرها ، و الاقرار القانونى بمختلف الجرائم التى حرمها الله سبحانه و تعالى .
الأزمــــــــــــــات

فساد ,تعليم، إسكان، زواج، بطالة، صحة، أخلاق، ضمير، مرور , مياه نظيفة، صرف صحي، البناء على الأرض الزراعية، تصحر، زحام ,غلاء, انخفاض احتياطي النقد



الأرض الزراعية

تم تجريف مليون و200 ألف فدان أرض خضراء من 5000 سنة من أصل 6 مليون فدان



الأمن والشرطة




قانون الطوارىء : 25 سنة طواريء ..في خدمة الشعب




لو سمحت زى ما انا تعبت نفسى ودورت على الكلام ده من كل مكان ياريت تقنعنى بنفس الطريقه باسانيد تخلينى اقتنع والتثقف مش عيب العيب والحرام هو الدفاع عن الباطل لذلك انا مش اسف يا ريس


المصادر ..... من مقالاات رائف الويشى + الشبكه العنكبوتيه + اللى وصلنى بادله قانونيه وواقعيه من الصحف اليوميه